للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فني، ومن العرب منْ يُوقف اسم السبع عَلَى الأسد، وكانت العرب، إذا أَخذ السبع شاة، ثم خلصت منه أكلوها، وكذلك إن أكل بعضها، قاله قتادة وغيره. وقرأ الحسن، وأبو حيوة: "السبع" بسكون الباء، وهي لغة لأهل نجد، وَقَالَ حسان، فِي عتبة بن أبي لهب:

مَنْ يَرْجِعِ الْعَامَ إِلَى أَهْلِهِ … فَمَا أَكِيلُ السَّبْعِ بِالرَّاجِعِ

وقرأ ابن مسعود: "وأكيلة السبع"، وقرأ عبد الله بن عباس "وأكيل السبع". انتهى كلام القرطبيّ فِي "تفسيره" ٦/ ٤٩ - ٥٠. والله تعالى أعلم بالصواب.

٤٤٠٩ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ حَاضِرَ بْنَ الْمُهَاجِرِ الْبَاهِلِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ ذِئْبًا نَيَّبَ فِي شَاةٍ، فَذَبَحُوهَا بِمَرْوَةٍ، فَرَخَّصَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي أَكْلِهَا).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الْحَدِيث صحيحٌ، وَقَدْ تقدم سندًا، ومتنًا فِي ١٨/ ٤٤٠٢ - ومضى شرحه، وبيان مسائله هناك، فراجعه تستفد.

وَقَدْ بقي الكلام عَلَى ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم ذكاة ما جرحه السبع، ونحوها المنخنقة، وهي التي تموت خنقًا، سواء فعل بها آدمي، أو اتفق لها بالحبل الذي تربط به، أو نحوه، والموقوذة، وهي التي تُرمى، أو تُضرب بحجر، أو عصًا حَتَّى تموت، والمتردّية، وهي التي تتردّى منْ العلو إلى السفل، والنطيحة، وهي الشاة التي تنطحها أخرى، أو غير ذلك، فتموت، فأقول:

(مسألة): فِي اختلاف العلماء فِي هذه المسألة:

قَالَ الإمام ابن قُدامة رحمه الله تعالى: المنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وأكيلة السبع، وما أصابها مرض، فماتت به محرمة، إلا أن تدرك ذكاتها؛ لقول الله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣]، وفي حديث جارية كعب: أنها أصيبت شاة منْ غنمها، فأدركتها، فذبحتها بحجر، فسأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؟، فَقَالَ: "كلوها"، متَّفقٌ عليه. فإن كانت لم يبق منْ حياتها، إلا مثل حركة المذبوح، لم تُبَح بالذكاة؛ لأنه لو ذَبَحَ ما ذبحه المجوسي لم يبح، وإن أدركها، وفيها حياة مستقرة، بحيث يمكنه ذبحها حلت؛ لعموم الآية والخبر، وسواء كانت قد انتهت إلى حال يُعلَم أنها لا تعيش معه، أو تعيش؛ لعموم الآية والخبر، ولأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يسأل، ولم يستفصل، وَقَدْ قَالَ ابن عباس، فِي ذئب عدا عَلَى شاة، فعقرها، فوقع قُصْها بالأرض، فأدركها، فذبحها بحجر، قَالَ: يُلقِي ما أصاب الأرض، ويأكل سائرها (١). وَقَالَ أحمد، فِي بهيمة عَقَرت بهيمةً، حَتَّى تبين فيها آثار الموت، إلا أن فيها الروح -يعني فذبحت- قَالَ: إذا مَصَعَت (٢) بذنبها، وطَرَفت


(١) أخرجه عبد الرزاق فِي "مصنّفه" ٤/ ٤٩٤.
(٢) أي حرّكت.