للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اليوم الادخار فوق ثلاث، والأكل إلى متى شاء. انتهى.

وإنما رجح ذلك؛ لأنه يلزم منْ القول بالتحريم، إذا دَفّت الدافّة إيجاب الإطعام، وَقَدْ قامت الأدلة عند الشافعية، أنه لا يجب فِي المال حقٌّ سوى الزكاة.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تقدّم فِي أواخر كتاب الزكاة البحث عن هذه المسألة، وأن الصحيح وجوب حقّ سوى الزكاة، بحسب ما تدعو الحاجة إليه، فراجعه، تجده موضّحًا بأدلّته، والله تعالى وليّ التوفيق.

قَالَ: ونقل ابن عبد البرّ ما يوافق ما نقله النوويّ، فَقَالَ: لا خلاف بين فقهاء المسلمين، فِي إجازة أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث، وأن النهي عن ذلك منسوخ، كذا أطلق، وليس بجيد، فقد قَالَ القرطبيّ: حديث سلمة، وعائشة، نصّ عَلَى أن المنع كَانَ لعلة، فلما ارتفعت ارتفع؛ لارتفاع موجبه، فتعين الأخذ به، وبعود الحكم تعود العلة (١)، فلو قَدِم عَلَى أهل بلد ناس، محتاجون فِي زمان الأضحى، ولم يكن عند أهل ذلك البلد سعة، يَسُدُّون بها فاقتهم، إلا الضحايا، تَعَيّن عليهم ألا يدخروها فوق ثلاث. قَالَ الحافظ: والتقييد بالثلاث واقعة حال، وإلا فلو لم تُسَدّ الخلة إلا بتفرقة الجميع، لزم عَلَى هَذَا التقرير عدم الإمساك، ولو ليلة واحدة. وَقَدْ حكى الرافعي عن بعض الشافعية: أن التحريم كَانَ لعلة، فلما زالت زال الحكم، لكن لا يلزم عود الحكم عند عود العلة. قَالَ الحافظ: واستبعدوه، وليس ببعيد؛ لأن صاحبه قد نظر إلى أن الخلة، لم تُسدّ يومئذ، إلا بما ذُكر، فأما الآن فإن الخلة تستد بغير لحم الأضحية، فلا يعود الحكم إلا لو فرض أن الخلة لا تستد، إلا بلحم الأضحية، وهذا فِي غاية الندور. وحكى البيهقي عن الشافعيّ، أن النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث، كَانَ فِي الأصل للتنزيه، قَالَ: وهو كالأمر فِي قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ} الآية [الحج: ٣٦]، وحكاه الرافعي، عن أبي علي الطبري احتمالا. وَقَالَ المهلب: إنه الصحيح؛ لقول عائشة: "وليس بعزيمة". والله أعلم. انتهى ما فِي "الفتح" ١١/ ١٤٦ - ١٤٧.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه هَذَا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٣٥/ ٤٤٢٦ و٤٤٢٧ - وفي "الكبرى" ٣٦/ ٤٥١٣ و٤٥١٤. وأخرجه


(١) هكذا عبارة "الفتح" ١٣/ ١٤٦ ولعله: "وبعود العلّة يعود الحكم"، والله تعالى أعلم.