للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحديث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ سبق قبل باب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٤٥١٧ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، عَنْ لُبْسَتَيْنِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ، أَمَّا الْبَيْعَتَانِ: فَالْمُلَامَسَةُ، وَالْمُنَابَذَةُ، وَالْمُنَابَذَةُ: أَنْ يَقُولَ إِذَا نَبَذْتُ هَذَا الثَّوْبَ، فَقَدْ وَجَبَ -يَعْنِي الْبَيْعَ- وَالْمُلَامَسَةُ: أَنْ يَمَسَّهُ بِيَدِهِ، وَلَا يَنْشُرَهُ، وَلَا يُقَلِّبَهُ، إِذَا مَسَّهُ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وكلّهم تقدّموا غير مرّة.

وقوله: "بيعتين" بفتح أوله، والمراد به المرّة منْ البيع. قاله فِي "الطرح" ٦/ ١٠٠. وَقَالَ فِي "الفتح" ٢/ ٢٨: بفتح الموحدة، ويجوز كسرها، عَلَى إرادة الهيئة. انتهى. وَقَالَ السنديّ: المشهور فتح الباء، والأقرب الكسر عَلَى الهيئة. انتهى.

وقوله: "عن لبستين" قَالَ فِي "النهاية" ٤/ ٢٢٦: هي بكسر اللام: الهيئة، والحالة، وروي بالضمّ عَلَى المصدر، والأول الوجه. انتهى. والمراد باللبستين: اشتمال الصمّاء، والاحتباء بثوب واحد، ليس عَلَى فرجه منه شيء.

أما "اشتمال الصماء": فهو بالصاد المهملة، والمد، قَالَ أهل اللغة؛ هو أن يُخَلِّل جسده بالثوب، لا يرفع منه جانبا، ولا يُبقي ما يُخرج منه يده، قَالَ ابن قتيبة: سميت صماء؛ لأنه يَسُدُّ المنافذ كلها، فتصير كالصخرة الصماء، التي ليس فها خرق. وَقَالَ الفقهاء: هو أن يلتحف بالثوب، ثم يرفعه منْ أحد جانبيه، فيضعه عَلَى منكبه، فيصير فرجه باديا، قَالَ النوويّ: فعلى تفسير أهل اللغة، يكون مكروها؛ لئلا يَعرِض له حاجة، فيتعسر عليه إخراج يده، فيلحقه الضرر، وعلى تفسير الفقهاء يحرم، لأجل انكشاف العورة. قَالَ الحافظ: ظاهر سياق البخاريّ، منْ رواية يونس، فِي "اللباس": أن التفسير المذكور فيها مرفوع، وهو موافق لما قَالَ الفقهاء، ولفظه: "والصماء أن يجعل ثوبه عَلَى أحد عاتقيه، فيبدو أحد شقيه"، وعلى تقدير أن يكون موقوفًا، فهو حجة عَلَى الصحيح؛ لأنه تفسير منْ الراوي، لا يخالف ظاهر الخبر.

وأما "الاحتباء": فهو أن يقعد عَلَى ألْيَتيه، وينصب ساقيه، ويَلُفّ عليه ثوبا، ويقال له الْحَبْوَة، وكانت منْ شأن العرب، وفسرها فِي رواية يونس المذكورة بنحو ذلك. أفاده فِي "الفتح" ٢/ ٢٨ "كتاب الصلاة" رقم ٣٦٩.

والحديث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ سبق قبل باب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.