للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لابد منها فِي كل مسلم فيه، ولا نعلم بين أهل العلم خلافا فِي اشتراطها، وبه يقول أبو حنيفة، ومالك، والشافعي.

الضرب الثاني: ما يختلف الثمن باختلافه، مما عدا هذه الثلاثة الأوصاف، وهذه تختلف باختلاف المسلم فيه، وذكرها شرط فِي السلم عند إمامنا، والشافعي، وَقَالَ أبو حنيفة: يكفي ذكر الأوصاف الثلاثة؛ لأنها تشتمل عَلَى ما وراءها منْ الصفات.

ولنا إنه يبقى منْ الأوصاف منْ اللون، والبلد، ونحوهما ما يختلف الثمن، والغرض لأجله، فوجب ذكره كالنوع، ولا يجب استقصاء كل الصفات؛ لأن ذلك يتعذر، وَقَدْ ينتهي الحال فيها إلى أمر يتعذر تسليم المسلم فيه، إذ يبعد وجود المسلم فيه عند المحل بتلك الصفات كلها، فيجب الاكتفاء بالأوصاف الظاهرة، التي يختلف الثمن بها ظاهرا، ولو استقصى الصفات حَتَّى انتهى إلى حال يندر وجود المسلم فيه بتلك الأوصاف، بطل السلم؛ لأن منْ شرط السلم أن يكون المسلم فيه عامَّ الوجود عند المحل، واستقصاء الصفات يمنع منه. انتهى "المغني" ٦/ ٣٩١ - ٣٩٢. وهو بحث نفيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): فِي الكلام عَلَى الشرط الثالث: وهو معرفة مقدار المسلم فيه بالكيل، إن كَانَ مكيلا، وبالوزن إن كَانَ موزونا، وبالعدد إن كَانَ معدودا؛ لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "منْ أسلم فِي شيء، فليسلف فِي كيل معلوم، أو وزن معلوم، إلى أجل معلوم"، متّفقٌ عليه، ولأنه عوض غير مشاهَد يثبت فِي الذمة، فاشتُرط معرفة قدره، كالثمن، قَالَ الموفّق: ولا نعلم فِي اعتبار معرفة المقدار خلافا، ويجب أن يقدره بمكيال، أو أرطال معلومة عند العامة، فإن قدره بإناء معيّن، أو صنجة معينة، غير معلومة لم يصح؛ لأنه يهلك، فيتعذر معرفة قدر المسلم فيه، وهذا غرر، لا يحتاج إليه العقد، قَالَ ابن المنذر: أجمع كل منْ نحفظ عنه منْ أهل العلم، عَلَى أن المسلم فِي الطعام، لا يجوز بقفيز لا يعلم عياره، ولا فِي ثوب بذرع فلان؛ لأن المعيار لو تَلِف، أو مات فلان بطل السلم، منهم: الثوري، والشافعي، وأبو حنيفة، وأصحابه، وأبو ثور. وإن عين مكيال رجل، أو ميزانه، وكانا معروفين عند العامة جاز، ولم يختص بهما، وإن لم يعرفا لم يجز. انتهى "المغني" ٦/ ٣٩٩ - ٤٠٠. وهو بحث نفيس أيضًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): مما يتفرّع عَلَى الشرط الثالث المذكور اختلافهم، فيما إذا أسلم فيما يكال وزنا، أو فيما يوزن كيلا، قَالَ الموفّق: نقل الأثرم أنه سأل أحمد، عن السلم فِي التمر وزنا؟، فَقَالَ: لا إلا كيلا، قلت: إن النَّاس هاهنا لا يعرفون الكيل، قَالَ: وإن كانوا لا يعرفون الكيل، فيحتمل هَذَا أنه لا يجوز فِي المكيل إلا كيلا, ولا فِي الموزون