للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالرواية عنهم بلا واسطة، وَقَدْ تقدم ذلك غير مرّة. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه-، أنه (قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) تقدّم فِي الترجمة تفسير المصنّف له، ونحوه ما ذكره ابن الأثير رحمه الله تعالى فِي "النهاية" -١/ ١٧٣ - : هو أن يقول: بعتك هَذَا الثوب نقدا بعشرة، ونسيئة بخمسة عشر، فلا يجوز؛ لأنه لا يُدرى أيهما الثمن الذي يختاره؛ ليقع عليه العقد، ومن صوره أن يقول: بعتك هَذَا بعشرين، عَلَى أن تبيعني ثوبك بعشرة، فلا يصح للشرط الذي فيه، ولأنه يسقط بسقوطه بعض الثمن، فيصير الباقي مجهولا، وَقَدْ نُهيَ عن بيع وشرط، وعن بيع وسلف، وهما هذان الوجهان. انتهى.

وفي رواية أبي داود، منْ طريق يحيى بن زكريّا، عن محمد بن عمرو بلفظ: "منْ باع بيعتين فِي بيعة، فله أوكسهما، أو الربا".

قَالَ الخطّابيّ رحمه الله تعالى: لا أعلم أحدا منْ الفقهاء، قَالَ بظاهر هَذَا الْحَدِيث، أو صحح البيع بأوكس الثمنين، إلا شيء يُحكى عن الأوزاعي، وهو مذهب فاسد، وذلك لما يتضمنه هَذَا العقد منْ الغرر والجهل.

وتعقّبه الشوكانيّ فِي "نيل الأوطار" ٥/ ١٦٢ - فَقَالَ: ولا يخفى أن ما قاله، هو ظاهر الْحَدِيث؛ لأن الحكم له بالأوكس، يستلزم صحة البيع به.

قَالَ الخطّابيّ: وإنما المشهور، منْ طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "أنه نهى عن بيعتين فِي بيعة قَالَ: حدّثنا الأصمّ، قَالَ: حدّثنا الربيع، قَالَ: حدثنا الشافعيّ، قَالَ: حدّثنا الدراوردي، عن محمد بن عمرو. وحدّثونا عن محمد بن إدريس الحنظليّ، حدّثنا الأنصاريّ، عن محمد بن عمرو. فأما رواية يحيى بن زكريا، عن محمد بن عمرو، عَلَى الوجه الذي ذكره أبو داود، فيشبه أن يكون ذلك فِي حكومة فِي شيء بعينه، كأنه أسلفه دينارا، فِي قفيز بر إلى شهر، فلما حل الأجل، وطالبه بالبر، قَالَ له: بعني القفيز الذي لك علي بقفيزين إلى شهرين، فهذا بيع ثان، وَقَدْ دخل عَلَى البيع الأول، فصار بيعتين فِي بيعة، فيردان إلى أوكسهما: أي أنقصهما، وهو الأصل، فإن تبايعا البيع الثاني، قبل أن يتقابضا الأول كانا مُرْبيين.

قَالَ صاحب "العون": وَقَدْ نقل هَذَا التفسير الإِمام ابن الأثير فِي "النهاية"، وابن رسلان فِي "شرح السنن".

ثم قَالَ الخطّابيّ: وتفسير ما نَهَى عنه منْ بيعتين فِي بيعة عَلَى وجهين: [أحدهما]: أن يقول: بعتك هَذَا الثوب نقدا بعشرة، ونسيئة بخمسة عشر، فهذا لا يجوز؛ لأنه لا