للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ الطحاوي: هو عن ابن عمر، وهو ليس بمسند عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ويحتمل أنه أراد بعد الموت، أو عَلَى الاستحباب. انتهى "المغني" ١٤/ ٤١٩ - ٤٢١.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث: "لا يباع المدبر، ولا يُشترى" أخرجه الدارقطنيّ فِي "سننه" ٤/ ١٣٨، والبيهقي فِي "السنن الكبرى" ١٠/ ٣١٤، وهو حديث واه، بل حكم الشيخ الألبانيّ رحمه الله تعالى بوضعه، راجع "الإرواء" ٦/ ١٧٧. والله تعالى أعلم.

وَقَالَ فِي "الفتح": ما حاصله: مذهب الشافعيّ، وأهل الْحَدِيث جواز بيع المدبّر، وَقَدْ نقله البيهقي فِي "المعرفة" عن أكثر الفقهاء، وحكى النوويّ عن الجمهور مقابله، وعن الحنفية، والمالكية أيضا تخصيص المنع بمن دبر تدبيرا مطلقا، أما إذا قيده، كأن يقول إن متُّ منْ مرضي هَذَا ففلان حر، فإنه يجوز بيعه؛ لأنها كالوصية، فيجوز الرجوع فيها. وعن أحمد يمتنع بيع المدبرة دون المدبر. وعن الليث يجوز بيعه إن شَرَط عَلَى المشتري عتقه، وعن ابن سيرين: لا يجوز بيعه، إلا منْ نفسه.

ومال ابن دقيق العيد إلى تقييد الجواز بالحاجة، فَقَالَ: منْ منع بيعه مطلقا، كَانَ الْحَدِيث حجة عليه؛ لأن المنع الكلي يناقضه الجواز الجزئي، ومن أجازه فِي بعض الصور، فله أن يقول: قلت بالحديث فِي الصورة التي ورد فيها، فلا يلزمه القول به فِي غير ذلك منْ الصور. وأجاب منْ أجازه مطلقا، بأن قوله: "وكان محتاجا"، لا مدخل له فِي الحكم، وإنما ذُكر لبيان السبب فِي المبادرة لبيعه؛ ليتبين للسيد جواز البيع، ولولا الحاجة لكان عدم البيع أولى، وأما منْ ادعى أنه إنما باع خدمته، فقد أجيب عنه بأنه لا تعارض بين الحديثين، وبأن المخالفين لا يقولون بجواز بيع خدمة المدبر. أفاده فِي "الفتح" ٥/ ٤٧١ - ٤٧٢.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما قاله ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى هو الأرجح، وحاصله جواز بيعه للحاجة؛ عملاً بظاهر الْحَدِيث، قَالَ الشوكانيّ رحمه الله تعالى -بعد أن أذكر الخلاف المذكور-: ولا يخفى أن فِي الْحَدِيث إيماءً إلى المقتضي لجواز البيع بقوله: "فاحتاج"، وبقوله: "اقض دينك، وأنفق عَلَى عيالك"، لا يقال: الأصل جواز البيع، والمنع منه يحتاج إلى دليل، ولا يصلح لذلك حديث الباب؛ لأن غايته أن البيع فيه وقع للحاجة، ولا دليل عَلَى اعتبارها فِي غيره، بل مجرّد ذلك الأصل كاف فِي الجواز؛ لأنا نقول: قد عارض ذلك الأصل إيقاع العتق المعلّق، فصار الدليل بعده عَلَى مدّعي الجواز، ولم يَرِد الدليل إلا فِي صورة الحاجة، فيبقى ما عداها عَلَى أصل المنع. انتهى "نيل الأوطار" ٦/ ٩٦ - ٩٧. وهو كلام نفيسٌ جدًّا.