للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثاني، ولأن الثاني اتصل بعقده القبض، فكان أحق.

قَالَ: ولنا ما روى سمرة وعقبة، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أنه قَالَ: "أيما امرأة زوجها وليان، فهي للأول منهما"، أخرج حديث سمرة أبو داود، والترمذي، وأخرجه النسائيّ عنه، وعن عقبة، وروي نحو ذلك عن علي، وشريح، ولأن الثاني تزوج امرأة فِي عصمة زوج، فكان باطلا كما لو عَلِمَ أن لها زوجا, ولأنه نكاح باطل، لو عري عن الدخول، فكان باطلا، وإن دخل كنكاح المعتدة والمرتد، وكما لو علم، فأما حديث عمر رضي الله عنه فلم يصححه أصحاب الْحَدِيث، وَقَدْ خالفه قول علي رضي الله عنه، وجاء عَلَى خلاف حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وما ذكروه منْ القبض لا معنى له، فإن النكاح يصح بغير قبض، عَلَى أنه لا أصل له، فيقاس عليه، ثم يبطل بسائر الأنكحة الفاسدة. انتهى "المغني" ٩/ ٤٢٨ - ٤٣٠.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث سمرة، وعقبة رضي الله تعالى عنهما أيضًا غير ثابت، كما سبق بيانه، فتنبّه.

والذي يترجّح عندي المذهب الأول، وهو ما دلّ عليه حديث الباب، وهو وإن لم يصحّ، لكنه مذهب جلّ أهل العلم، حَتَّى ادّعى الترمذيّ الإجماع عليه كما سبق بيانه، وإن لم يسلّم له ذلك، فتأمل. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

٩٧ - (الاسْتِقْرَاضُ)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هو طلب القرض، قَالَ فِي "اللسان": القرضُ، والقِرض -أي بفتح القاف، وكسرها-: ما يَتَجَازى به النَّاس بينهم، ويتقاضَونه، وجمعُه قُرُوض، وهو ما أسلفته منْ إحسان، ومن إساءة، وهو عَلَى التشبيه، قَالَ أميّة بن أبي الصَّلْتِ [منْ البسيط]:

كُلُّ امْرِى سَوْفَ يُجْزَى قَرْضَهُ حَسَنًا … أَوْ سَيِّئًا أَوْ مَدِينًا مِثْلَ مَا دَانَا

وَقَالَ تعالى: {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} الآية. ويقال: أقرضتُ فلانًا، وهو ما تُعطيه لِيَقضيكه، قَالَ الجوهريّ: والقَرْضُ: ما يُعطيه منْ المال ليُقضاهُ، والقِرْضُ -بالكسر- لغةٌ فيه، حكاها الكسائيّ. وَقَالَ ثعلبٌ: القَرْض -بالفتح-: المصدر، والقِرض -بالكسر- الاسم. وَقَالَ ابن سِيدَه: لا يُعجبني. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب.