للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (عائشة) رضي الله تعالى عنها ٥/ ٥. والباقيان تقدّما فِي الباب الماضي. والله تعالى أعلم.

شرح الْحَدِيث

(عَنْ عَائِشَةَ) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهما (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: وَعَلَى الْمُقْتَتِلِينَ) بكسر التاء الثانية، اسم فاعل منْ اقتتل، أراد بهم أولياء القتيل، والقاتل، وسمّاهم مقتتلين لما ذكره الخطابيّ، فَقَالَ: يُشبه أن يكون معنى المقتتلين هاهنا أن يطلُب أولياء القتيل القَوَدَ، فيمتنع الْقَتَلَة، فينشأ بينهم الحرب والقتال؛ لأجل ذلك، فهو جمع مُقْتَتِلٍ، اسم فاعل منْ اقْتَتَلَ فجعلهم مقتتلين لما ذكرنا.

قَالَ: ويحتمل أن يكون الرواية بنصب التاءين، عَلَى المفعول، يقال: اقتُتِلَ، فهو مُقَتَتَلٌ، غير أن هَذَا يُستعمل أكثره فيمن قتله الحبّ. انتهى.

(أَنْ يَنْحَجِزُوا) بحاء مهملة، ثم جيم، ثم زاي: أي يمتنعوا، ويكفّوا عن القود بعفو أحدهم. وَقَالَ فِي "النهاية" -١/ ٣٤٥ - : معنى "أن ينحجزوا: أي يكُفّوا عن القَوَد، وكلُّ منْ ترك شيئًا، فقد انحجز عنه، والانحجاز مطاوع حجزه: إذا منعه، والمعنى: أن لورثة القتيل أن يعفو عن دمه، رجالُهم ونساؤُهم، أيهم عفا -وإن كانت امرأة- سقط القود، واستحقّوا الدية. انتهى.

وَقَالَ أبو داود فِي "سننه" بعد ذكر الْحَدِيث: ما نصّه: قَالَ أبو داود: "ينحجزوا": يكفّوا عن القوَد. وفي نسخة: قَالَ أبو داود: يعني أن عفو النِّساء فِي القتل جائز، إذا كانت إحدى الأولياء، وبلغني عن أبي عُبيد، قَالَ: "ينحجزوا": يكفّوا عن القتل. انتهى.

(الْأَوَّلَ، فَالْأَوَّلَ) أي الأقرب، فالأقرب، قَالَ فِي "النهاية" ١/ ٣٤٥ - : وبعض الفقهاء يقول: إنما العفو والقَوَدُ إلى الأولياء منْ الورثة، لا إلى جميع الورثة، ممن ليسوا بأولياء. انتهى.

(وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةٌ) كلمة "إن" وصليّة. قَالَ الخطّابيّ: تفسيره: أن يقتل رجلٌ، وله ورثة، رجالٌ ونساء، فأيهم عفا، وإن كَانَ امرأة، سقط القود، وصار دِيَة. انتهى.

وَقَالَ العلّامة ابن القيّم رحمه الله تعالى: وَقَدْ رُوي "الأول، فالأول ورُوي: "الأَوْلَى، فالأَوْلَى" -بفتح الهمزة: أي الأقرب، فالأقرب، وهو أولى، وبه يتبيّن معنى الْحَدِيث، وأصل الحجز: المنع، ومنه الحاجز بين الشيئين، و"ينحجزوا": مطاوع حجزته، فانحجز، وهو يدلّ عَلَى حاجز بينهم، وهو عفو منْ له الدم، فإنه إذا عفا وجب عليهم أن ينحجزوا؛ لأن صاحب الدم قد عفا، وهذا العفو لحقّ يستحقّه الأَوْلَى،