للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان فِي الكتاب أن منْ اعتبط مؤمنا قتلا، عن بينة، فإنه قود، إلا أن يرضى أولياء المقتول، وأن فِي النفس الدية مائة منْ الإبل، وفي الأنف إذا أوعب جدعه الدية، وفي اللسان الدية، وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية، والرجل الواحدة نصف الدية، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المنقلة خمس عشرة منْ الإبل، وفي كل إصبع منْ أصابع اليد، أو الرجل عشر منْ الإبل، وفي السن خمس منْ الإبل، وفي الموضحة خمس منْ الإبل، وأن الرجل يُقتل بالمرأة، وعلى أهل الذهب ألف دينار. انتهى.

(وَكَانَ فِي كِتَابِهِ) أي كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المذكور (أَنَّ مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا) أي قتله بلا ذنب يوجب قتله. قَالَ الفيّوميّ: عبطتُ الشاة عَبْطًا، منْ باب ضرب: ذبحتها، صحيحةً، منْ غير علّة بها، ولحمٌ عَبِيطٌ: أي صحيحٌ طَريّ، ودمٌ عبيطٌ: طريّ خالصٌ، لا خَلْط فيه، قَالَ فِي "التهذيب": العَبيط منْ اللحم ما كَانَ سَليمًا منْ الآفات، إلا الكسر، ولا يقال: عبيط إذا كَانَ الذبح منْ آفة، ولا يقال للشاة عبيطة، ومُعتَبِطةٌ إذا ذُبحت منْ آفةٍ، غيرِ الكسر. انتهى.

والمراد به هنا: أنه قتل مؤمنا بلا جناية كانت منه، ولا جريرة توجب قتله. وقوله "قَتْلاً) مصدر لـ"اعتبط" منْ غير لفظه، كقعدت جلوسا (عَنْ بَيِّنَةٍ) أي بحجة، والمراد وجود الشهود عَلَى قتله، أو ثبوته بإقراره (فَإِنَّهُ قَوَدٌ) بفتحتين: أي فإن القاتل يُقتل به قصاصًا (إِلاَّ أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ) أي بقبول الدية، فلهم ذلك، وفيه أن الأصل القصاص، وأن قبول الدية تخفيف منْ الله عز وجل (وَأَنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةُ) أي الكاملة (مِائَةً مِنَ الإِبِلِ) بالنصب عَلَى أنه بدل منْ "الديةَ".

(وَفِي الأَنْفِ إِذَا أُوعِبَ) بضم أوله: أي أخذ كله، قَالَ فِي "المصباح": وَعَبته وَعْبًا، منْ باب وَعَدَ، وأوعبته إيعابًا، واستوعبته، كلُّها بمعنًى، وهو أخذ الشيء جميعِهِ. قَالَ الأزهريّ: الْوَعْبُ: إيعابك الشيءَ فِي الشيء، حَتَّى تأتي عليه كله: أي تُدخله فيه، وفي الْحَدِيث: "فِي الأنف إذا استُوعب جَدْعًا الديةُ": أي إذا لم يُترَك منه شيء، وجاءوا موعِبين: أي جميعهم، لم يبق منهم أحد. انتهى (جَدْعُهُ) بالرفع فاعل "أُوعِب"، و"الجدع" بفتح، فسكون: القطع (الدِّيَةُ) مبتدأ مؤخّر خبره الجارّ والمجرور قبله، أي "فِي الأنف"، و"إذا" يحتمل أن تكون ظرفاً مجرّدا عن الشرط، فتتعلّق بالنسبة الحاصلة بين المبتدإ والخبر، أو هي شرطية، معترضة بين المبتدإ والخبر، وجوابها ما دلّ عليه المبتدأ والخبر.

والمعنى أنه إذا قطع أنف الشخص كلّه خطأ وجبت فيه الدية الكاملة، ويأتي تمام