للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

و"الأشربة" ٢٠١٤. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده (١):

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان تعظيم شأن السرقة، وأنها منْ الكبائر؛ لشدّة الوعيد فيها، قَالَ فِي "الفتح" ١٤/ ٨ - : وفي الْحَدِيث تعظيم شأن أخذ حق الغير بغير حق؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أقسم عليه، ولا يُقسِم إلا عَلَى إرادة تأكيد المقسم عليه. انتهى.

(ومنها)؛ أن منْ زنى دخل فِي هَذَا الوعيد، سواء كَانَ بكرا، أو مُحصَنًا، وسواء كَانَ المزني بها أجنبية، أو مَحْرَما، ولا شك أنه فِي حق المحرم أفحش، ومن المتزوج أعظم، ولا يدخل فيه ما يُطلق عليه اسم الزنا، منْ اللمس الْمُحَرَّم، وكذا التقبيل، والنظر؛ لأنها وإن سُمِّيت فِي عرف الشرع زنا، فلا تدخل فِي ذلك؛ لأنها منْ الصغائر، كما قَالَ العلماء ذلك فِي تفسير اللمم فِي قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} الآية [النجم: ٣٢].

قَالَ الحافظ: وفيه أن منْ سرق قليلاً أو كثيرًا، وكذا منْ انتهب، أنه يدخل فِي الوعيد، وفيه نظر، فقد شرط بعض العلماء، وهو لبعض الشافعيّة أيضًا فِي كون الغصب كبيرة، أن يكون المغصوب نصابا، وكذا فِي السرقة، وإن كَانَ بعضهم أطلق فيها، فهو محمول عَلَى ما اشتهر أن وجوب القطع فيها متوقف عَلَى وجود النصاب، وإن كَانَ سرقةُ ما دون النصاب حرامًا.

(ومنها): أن فيه أن منْ شرب الخمر، دخل فِي الوعيد المذكور، سواء كَانَ المشروب كثيرا، أم قليلا؛ لأن شرب القليل منْ الخمر معدود منْ الكبائر، وإن كَانَ ما يترتب عَلَى الشرب منْ المحذور، منْ اختلال العقل، أفحش منْ شرب مالا يتغير معه العقل، وعلى القول الذي رجحه النوويّ منْ تأويل نفي الإيمان بنفي كماله، كما سبق، ويأتي أيضًا، لا إشكال فِي شيء منْ ذلك؛ لأن لنقص الكمال مراتب، بعضها أقوى منْ بعض.

(ومنها): أنه استَدَلَّ به منْ قَالَ: إن الانتهاب كله حرام، حَتَّى فيما أذن مالكه، كالنِّثَار فِي العُرْس، ولكن صرح الحسن، والنخغي، وقتادة، فيما أخرجه ابن المنذر عنهم، بأن شرط التحريم أن يكون بغير إذن المالك، وَقَالَ أبو عبيدة: هو كما قالوا، وأما النُّهْبَةُ المختلف فيها، فهو ما أذن فيه صاحبه، وأباحه، وغرضه تساويهم، أو مقاربة التساوي، فإذا كَانَ القوي منهم يغلب الضعيف، ولم تطب نفس صاحبه بذلك، فهو مكروه، وَقَدْ ينتهى إلى التحريم، وَقَدْ صرح المالكية، والشافعية، والجمهور بكراهيته، وممن كرهه


(١) المراد الفوائد التي اشتمل عليها الحديث بجميع رواياته التي أشرت إليها فِي الشرح، لا خصوص سياق المصنّف، فتنبّه.