للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ الحافظ: وَقَدْ ساق ذلك ابن سعد فِي ترجمتها فِي "الطبقات" منْ طريق الأجلح بن عبد الله الكندي، عن حبيب بن أبي ثابت، رفعه: "أن فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد، سَرَقت حليا عَلَى عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستشفعوا … " الْحَدِيث. وأورد عبد الغني بن سعيد المصريّ فِي "المبهمات" منْ طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، عن عمار الدُّهْني، عن شقيق، قَالَ: "سرقت فاطمة بنت أبي أسد، بنت أخي أبي سلمة، فأشفقت قريش أن يقطعها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- … " الْحَدِيث. قَالَ الحافظ: والطريق الأولى أقوى، ويمكن أن يقال: لا منافاة بين قوله: بنت الأسود، وبنت أبي الأسود؛ لاحتمال أن تكون كنية الأسود أبا الأسود.

وأما قصة أم عمرو: فذكرها ابن سعد أيضا، وابن الكلبي فِي "المثالب"، وتبعه الهيثم بن عدي، فذكروا: "أنها خرجت ليلا، فوقعت بِرَكْب، نزول، فأخذت عيبة لهم، فأخذها القوم، فأوثقوها، فلما أصبحوا أتوا بها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فعاذت بحقوي أم سلمة، فأمر بها النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقطعت، وأنشدوا فِي ذلك شعرًا، قاله خنيس بن يعلى بن أمية. وفي رواية ابن سعد أن ذلك كَانَ فِي حجة الوداع، وقصة فاطمة بنت الأسود كانت عام الفتح، فظهر تغاير القصتين، وأن بينهما أكثر منْ سنتين، ويظهر منْ ذلك خطأ منْ اقتصر عَلَى أنها أم عمرو، كابن الجرزي، ومن ردّدها بين فاطمة، وأم عمرو، كابن طاهر، وابن بشكوال، ومن تبعهما فللَّه الحمد.

وَقَدْ تقلد ابن حزم ما قاله بشر بن تيم، لكنه جعل قصة أم عمرو بنت سفيان، فِي جحد العارية، وقصة فاطمة فِي السرقة، وهو غلط أيضا؛ لوقوع التصريح فِي قصة أم عمرو بأنها سرقت. قاله فِي "الفتح" ١٤/ ٤٠ - ٤١.

(سَرَقَتْ) زاد يونس فِي روايته الآتية -٤٩٠٥ - "فِي عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فِي غزوة الفتح"، ووقع بيان المسروق فِي حديث مسعود بن أبي الأسود المعروف بابن العجماء، فأخرج ابن ماجه، وصححه الحاكم، منْ طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن طلحة ابن رُكانة، عن أمه عائشة بنت مسعود بن الأسود، عن أبيها، قَالَ: "لَمّا سَرَقت المرأة تلك القطيفة، منْ بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أعظمنا ذلك، فجئنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نكلمه"، وسنده حسن، وَقَدْ صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث، فِي رواية الحاكم، وسيأتى تمام البحث فِي المسائل، إن شاء الله تعالى.

(فَأَتِيَ) بالبناء للمفعول (بِهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا: مَنْ يَجْتَرِىءُ) وفي رواية الليث الآتية -٤٨٩٠١ - : "فقالوا: منْ يكلّم فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-": أي يشفع عنده فيها، أن لا تُقطع، إما عفوًا، وأما بفداء، وَقَدْ وقع ما يدل عَلَى الثاني، فِي حديث مسعود بن الأسود،