للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيه إذ ذاك، فكان عندها ربع دينار، فقالت: "كَانَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يقطع فِي ربع فى دينار"، مع احتمال أن تكون القيمة يومئذ أكثر.

وتُعُقّب باستبعاد أن تجزم عائشة بذلك، مستندة إلى ظنها المجرد، وأيضًا فاختلاف التقويم وان كَانَ ممكنًا، لكن محال فِي العادة أن يتفاوت هَذَا التفاوت الفاحش، بحيث يكون عند قوم أربعة أضعاف قيمته عند آخرين، وإنما يتفاوت بزيادة قليلة، أو نقص قليل، ولا يبلغ المثلَ غالبًا.

وادعى الطحاوي اضطراب الزهريّ فِي هَذَا الْحَدِيث؛ لاختلاف الرواة عنه فِي لفظه.

ورُدّ بأن منْ شرط الاضطراب أن تتساوى وجوهه، فأما إذا رجح بعضها فلا، ويتعين الأخذ بالراجح، وهو هنا كذلك؛ لأن جُلَّ الرواة عن الزهريّ، ذكروه عن لفظ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، عَلَى تقرير قاعدة شرعية فِي النصاب، وخالفهم ابن عيينة تارة، ووافقهم تارة، فالأخذ بروايته الموافقة للجماعة أولى، وعلى تقدير أن يكون ابن عيينة اضطرب فيه، فلا يَقدَح ذلك فِي رواية منْ ضبطه.

وأما نقل الطحاوي عن المحدثين أنهم يُقدِّمون ابن عيينة فِي الزهريّ عَلَى يونس، فليس متفقًا عليه، بل أكثرهم عَلَى العكس، وممن جزم بتقديم يونس عَلَى سفيان فِي الزهريّ يحيى بن معين، وأحمد بن صالح المصريّ، وذكر أن يونس صَحِب الزهريّ أربع عشر سنة، وكان يزامله فِي السفر، وينزل عليه الزهريّ إذا قدم أيلة، وكان يذكر أنه كَانَ يسمع الْحَدِيث الواحد منْ الزهريّ مرارا، وأما ابن عيينة، فإنما سمع منه سنة ثلاث وعشرين ومائة، ورجع الزهريّ، فمات فِي التي بعدها، ولو سُلِّم أن ابن عيينة أرجح فِي الزهريّ منْ يونس، فلا معارضة بين روايتيهما، فتكون عائشة أخبرت فِي الفعل والقول معا، وَقَدْ وافق الزهريّ فِي الرواية عن عمرة جماعة كما سبق.

وَقَدْ وقع الطحاوي فِي ما عابه عَلَى منْ احتج بحديث الزهريّ، مع اضطرابه عَلَى رأيه، فاحتج بحديث محمد بن إسحاق، عن أيوب بن موسى، عن عطاء، عن ابن عباس، قَالَ: قطع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلا فِي مِجَنّ، قيمته دينار، أو عشرة دراهم، أخرجه أبو داود، واللفظ له، وأحمد، والنسائي ٤٩٥٣ - والحاكم، ولفظ الطحاوي: "كَانَ قيمة المجن الذي قَطع فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشرة دراهم"، وهو أشد فِي الاضطراب منْ حديث الزهريّ، فقيل: عنه هكذا، وقيل عنه، عن عمرو بن شعيب، عن عطاء، عن ابن عباس، وقيل: عنه عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ولفظه: "كانت قيمة المجن عَلَى عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشرة دراهم"، وقيل: عنه عن عمرو، عن عطاء مرسلاً، وقيل: عن عطاء، عن أيمن: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قطع فِي مجن قيمته دينار، كذا قَالَ