للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والإيمان فِي القلب" ذكره ابن أبي شيبة فِي "مصنّفه" ١١/ ١١ (١). انتهى "المفهم" ١/ ١٣٩.

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) "أن" الأولى هي المصدريّة الناصبة للمضارع، والجملة فِي تأويل المصدر خبر لمحذوف: أي هو شهادة أن لا إله إلا الله. وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "الإسلام أن تعبد الله، ولا تشرك به". قَالَ النوويّ فِي "شرحه": يحتمل أن يكون المراد بالعبادة، معرفة الله، فيكون عطف الصلاة وغيرها عليها؛ لإدخالها فِي الإسلام، ويحتمل أن يكون المراد بالعبادة الطاعة مطلقا، فيدخل فيه جميع الوظائف، فعلى هَذَا يكون عطف الصلاة وغيرها، منْ عطف الخاص عَلَى العام.

قَالَ الحافظ: أما الاحتمال الأول فبعيد؛ لأن المعرفة منْ متعلقات الإيمان، وأما الإسلام فهو أعمال قولية وبدنية، وَقَدْ عبر فِي حديث عمر -رضي الله عنه- هنا بقوله: "أن تشهد أن لا إله الا الله وأن محمد رسول الله"، فدل عَلَى أن المراد بالعبادة فِي حديث الباب، النطق بالشهادتين، وبهذا تبين دفع الاحتمال الثاني، ولَمّا عبر الراوي بالعبادة، احتاج أن يوضحها بقوله: "ولا تشرك به شيئا"، ولم يحتج إليها فِي رواية عمر؛ لاستلزامها ذلك.

[فإن قيل]: السؤال عامّ؛ لأنه سأل عن ماهية الإسلام، والجواب خاصّ؛ لقوله: "أن تعبد"، أو "تشهد وكذا قَالَ فِي الإيمان: "أن تؤمن"، وفي الإحسان "أن تعبد".

[والجواب]: أن ذلك لنكتة الفرق بين المصدر، وبين "أن" والفعل؛ لأن "أن تفعل" تدل عَلَى الاستقبال، والمصدر لا يدلّ عَلَى زمان، عَلَى أن بعض الرواة أورده هنا بصيغة المصدر، ففي رواية عثمان بن غياث قَالَ: "شهادة أن لا إله الا الله"، وكذا فِي حديث أنس، وليس المراد بمخاطبته بالإفراد اختصاصه بذلك، بل المراد تعليم السامعين الحكم فِي حقهم، وحق منْ أشبههم منْ المكلفين، وَقَدْ تبين ذلك بقوله فِي آخره: "يعلم النَّاس دينهم".

(وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ) زاد فِي حديث أبي هريرة عند مسلم "المكتوبة": أي المفروضة، وإنما عبر بالمكتوبة للتفنن فِي العبارة، فإنه عبر فِي الزكاة بالمفروضة، ولا تباع قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النِّساء: ١٠٣].


(١) رواه ابن أبي شيبة فِي "مصنفه"، وزاد: "ثم يشير إلى صدره، ويقول: التقوى هاهنا، التقوى هاهنا". وفي سنده علي بن مسعدة، ضعفه البخاريّ وغيره، ووثقه آخرون، وضعف بعضهم هَذَا الْحَدِيث بسببه، وعندي أنه حسن الْحَدِيث انظر ترجمته فِي "تهذيب التهذيب" ٣/ ١٩٢ .. والله تعالى أعلم.