للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلا أن الحمل فيها عليهم.

قَالَ ابن رَجَب: قد رواه عن عبد الله بن دينار سليمان بن بلال، وهو ثقة ثبتٌ، قد خُرّج حديثه فِي "الصحيحين". انتهى كلام ابن رَجَب رحمه الله تعالى "شرح البخاريّ" ١/ ٣٠/ ٣٢.

(المسألة الخامسة): فِي الاختلاف الواقع فِي لفظ الْحَدِيث، واختلاف أهل العلم فِي تعداد شُعب الإيمان:

قَالَ الحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى: وأما الاختلاف فِي لفظ الْحَدِيث فالأظهر أنه منْ الرواة، كما جاء التصريح فِي بعضه بأنه شكّ منْ سُهيل بن أبي صالح، وزعم بعض النَّاس أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يذكر هَذَا العدد بحسب ما ينزل منْ خصال الإيمان، فكلما نزلت خصلة منها ضمّها إلى ما تقدّم، وزادها عليها. وفي ذلك نظر. وَقَدْ ورد فِي بعض روايات "صحيح مسلم" عدد بعض هذه الخصال، ولفظه: "أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة منْ الإيمان" (١).

فأشار إلى أن خصال الإيمان منها ما هو قولٌ باللسان، ومنها ما هو عملٌ بالجوارح، ومنها ما هو قائم بالقلب، ولم يزد فِي شيء منْ هذه الروايات عَلَى هذه الخصال.

وَقَدْ انتدب لعدّها طائفة منْ العلماء، كالْحَليميّ (٢)، والبيهقيّ، وابن شاهين، وغيرهم، فذكروا كلّ ما ورد تسميته إيمانًا فِي الكتاب والسنّة منْ الأقوال والأعمال، وبلغ بها بعضهم سبعا وسبعين، وبعضهم تسعًا وسبعين.

وفي القطع عَلَى أن ذلك هو مراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- منْ هذه الخصال عسر، كذا قاله ابن الصلاح، وهو كما قَالَ. انتهى كلام ابن رَجَب "شرح البخاريّ" ١/ ٣٢ - ٣٤.

وَقَالَ الحافظ فِي "الفتح": قَالَ القاضي عياض: تكلف جماعة حصر هذه الشعب، بطريق الاجتهاد، وفي الحكم بكون ذلك هو المراد صعوبة، ولا يَقدَح عدم معرفة حصر ذلك عَلَى التفصيل فِي الإيمان. انتهى.

ولم يَتّفق منْ عَدَّ الشعب عَلَى نمط واحد، وأقربها إلى الصواب طريقة ابن حبّان، لكن لم نقف عَلَى بيانها منْ كلامه، وَقَدْ لخصت مما أوردوه ما أذكره، وهو: أن هذه الشعب تتفرع عن أعمال القلب، وأعمال اللسان، وأعمال البدن، فأعمال القلب فيه


(١) هو الرواية التالية للنسائى، ولكن بلفظ: "أفضلها لا إله إلا الله، وأوضعها إماطة الأذى عن الطريق".
(٢) هو أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاريّ الشافعيّ، المولود سنة (٣٣٨ هـ) فِي شهر ربيع الأول، والمتوفى سنة (٤٠٣ هـ).