للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[فإن قيل]: فكيف قَالَ فِي رواية حماد بن زيد، عن أبي جمرة: "آمركم بأربع: الإيمان بالله، وشهادة أن لا إله الا الله، وعقد واحدة"، كذا للبخاريّ فِي "المغازي"، وله فِي "فرض الخمس": "وعقد بيده"، فدل عَلَى أن الشهادة إحدى الأربع، وأما ما وقع عنده فِي "الزكاة" منْ هَذَا الوجه منْ زيادة الواو فِي قوله: "وشهادة أن لا إله الا الله"، فهي زيادة شاذة، لم يتابع عليها حجاجَ بنَ منهال أحدٌ. والمراد بقوله: "شهادة أن لا إله الا الله"، أي وأن محمد رسول الله كما صرح به فِي رواية عباد بن عباد فِي أوائل "المواقيت"، ولفظه: "آمركم بأربع، وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله، ثم فسرها له: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله … الْحَدِيث، والاقتصار عَلَى شهادة أن لا إله الا الله عَلَى إرادة الشهادتين معا؛ لكونها صارت عَلَمًا عَلَى ذلك.

وهذا أيضًا يدلّ عَلَى أنه عَدَّ الشهادتين منْ الأربع؛ لأنه أعاد الضمير فِي قوله: "ثم فسرها" مؤنثا، فيعود عَلَى الأربع، ولو أراد تفسير الإيمان، لأعادة مذكرا، وعلى هَذَا، فيقال: كيف قَالَ: "أربع"، والمذكورات خمس؟، وَقَدْ أجاب عنه القاضي عياض؛ تبعا لابن بطال: بأن الأربع ما عدا أداء الخمس، قَالَ: كأنه أراد إعلامهم بقواعد الإيمان، وفروض الأعيان، ثم أعلمهم بما يلزمهم إخراجه، إذا وقع له جهاد؛ لأنهم كانوا بصدد محاربة كفار مضر، ولم يقصد ذكرها بعينها؛ لأنها مسببة عن الجهاد، ولم يكن الجهاد إذ ذاك فَرْض عين، قَالَ وكذلك لم يذكر الحجّ؛ لأنه لم يكن فُرِض.

وَقَالَ غيره: قوله: "وأن تعطوا" معطوف عَلَى قوله: "بأربع" أي آمركم بأربع، وبأن تعطوا، ويدل عليه العدول عن سياق الأربع، والإتيان بأن والفعل، مع توجه الخطاب إليهم، قَالَ ابن التين: لا يمتنع الزيادة إذا حصل الوفاء بوعد الأربع. قَالَ الحافظ: ويدل عَلَى ذلك لفظ رواية مسلم، منْ حديث أبي سعيد الخدريّ، فِي هذه القصة: "آمركم بأربع: اعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا رمضان، وأعطوا الخمس منْ الغنائم".

وَقَالَ القاضي أبو بكر بن العربي: ويحتمل أن يقال إنه عَدَّ الصلاة والزكاة واحدة؛ لأنها قرينتها فِي كتاب الله، وتكون الرابعة أداء الخمس، أو أنه لم يَعُدُّ أداء الخمس؛ لأنه داخل فِي عموم إيتاء الزكاة، والجامع بينهما أنهما إخراج مال معين، فِي حال دون حال.

وَقَالَ البيضاويّ: الظاهر أن الأمور الخمسة المذكورة هنا، تفسير للإيمان، وهو أحد الأربعة الموعود بذكرها، والثلاثة الأُخَر حذفها الراوي اختصارا، أو نسيانا، كذا قَالَ، وما ذَكَر أنه الظاهر، لعله بحسب ما ظهر له، والا فالظاهر منْ السياق أن الشهادة أحد