للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسجد، فتعصف ريحها، فيقبل الله منها صلاة، حَتَّى ترجع فتغتسل".

وأخرج أيضًا منْ طريق العبّاس بن الوليد بن مزيد، عن أبيه، عن الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي عبيد، منْ أشياخ كوثى (١)، مولى أبي رهم الغفاري، عن جده، قَالَ: خرجت مع أبي هريرة، منْ المسجد ضحى، فلقيتنا امرأة بها منْ العطر شيء، لم أجد بأنفي مثله قط، فَقَالَ لها أبو هريرة: عليك السلام، فقالت: وعليك، قَالَ: فأين تريدين؟ قالت: المسجد، قَالَ: ولأي شيء تطيبت بهذا الطيب؟، قالت: للمسجد، قَالَ آلله؟ قالت: الله، قَالَ آلله، قالت: الله، قَالَ: فإن حبي أبا القاسم، -صلى الله عليه وسلم-، أخبرني، أنه لا تُقبل لامرأة صلاة، تطيبت بطيب لغير زوجها، حَتَّى تغتسل منه غسلها منْ الجنابة، فاذهبي، فاغتسلي منه، ثم ارجعي، فصلي. قَالَ البيهقيّ: جده أبو الحارث، عبيد بن أبي عبيد، وهو عبد الرحمن بن الحارث بن أبي الحارث بن أبي عبيد. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح.

[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه رجل لم يُسمّ، وهو وإن وثّقه الراوي عنه، إلا أن توثيق المبهم لا يكفي عَلَى الصحيح منْ أقوال المحدّثين، كما تقدّم قريباً؟.

[قلت]: إنما صحّ لأمرين: [أحدهما]: أنه سُمّي عُبيدًا مولى أبي رُهم، عند الإمام أحمد، كما سبق بيانه، فهو، وإن كَانَ منْ رواية عاصم إلا أنه لم ينفرد بتسميته، فقد سمّاه عبد الرحمن بن بن الحارث بن أبي عبيد فِي رواية البيهقيّ المتقدّمة، وعبد الرحمن قَالَ عنه ابن أبي حاتم عن أبي زرعة: لا بأس به. ثم إن عبيداً هَذَا رَوَى عنه جماعة، ووثقه العجليّ، وابن حبّان، كما تقدّم.

[والثاني]: أنه لم ينفرد به الرجل عن أبي هريرة، بل تابعه عليه موسى بن يسار، وهو مدنيّ ثقة، منْ رجال الصحيح، كما سبق منْ رواية البيهقيّ أيضًا.

والحاصل أن حديث الباب صحيح. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٣٦/ ٥١٢٢٩ - وفي "الكبرى" ٤٤/ ٩٤٢٣. وأخرجه (د) فِي "الترجّل"


(١) "كُوثَى" بالضمّ والقصر: قرية بالعراق، ومَحِلّة بمكة لبني عبد الدار. أفاده فِي "القاموس".