للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجلوس عَلَى الحرير، وهو مذهب الجمهور، خلافا لبعضهم؛ لحديث حذيفة -رضي الله عنه- "نهانا النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن نشرب فِي آنية الذهب والفضّة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير، والديباج، وأن نجلس عليه". رواه البخاريّ.

ولكن تقييدها بالأحمر أخص منْ مطلق الحرير، فيمتنع إن كانت حريرا، ويتأكد المنع إن كانت مع ذلك حمراء، وإن كانت منْ غير حرير، فالنهي فيها للزجر عن التشبه بالأعاجم. قَالَ ابن بطال: كلام الطبري يقتضي التسوية فِي المنع منْ الركوب عليه، سواء كانت منْ حرير، أم منْ غيره، فكان النهي عنها إذا لم يكن منْ حرير للتشبه، أو للسرف، أو التزين، وبحسب ذلك تفصيل الكراهة، بين التحريم، والتنزيه. وأما تقييدها بالحمرة، فمن يحمل المطلق عَلَى المقيد، وهم الأكثر يخص المنع بما كَانَ أحمر. قاله فِي "الفتح" ١١/ ٤٩٠ - ٤٩١. "كتاب اللباس".

(وَعَنِ الْجِعَةِ) بكسر الجيم، وتخفيف العين المهملة: هي النبيذ المتّخذ منْ الشعير. قَالَ الجوهريّ عن أبي عُبيد: الجِعة نبيذ الشعير، قَالَ: ولست أدري ما نُقصانه؟ قَالَ ابن بَرّيّ: الجِعَة لامها واو، منْ جعوت: أي جمعتُ، كأنها سمّيت بذلك لكونها تجعو النَّاس عَلَى شربها: أي تجمعهم. قاله فِي "اللسان" فِي حرف العين. وَقَالَ فِي حرف الواو: والْجِعْو -بالكسر-: الجِعَةُ، والفتح أكثر: نبيذ الشعير، وفي الْحَدِيث: شرابٌ يُتّخذ منْ الشعير، والحنطة، حَتَّى يُسكر. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث عليّ -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه مسلم، وَقَدْ تقدّم تخريجه فِي "كتاب الصلاة" ٩٧/ ١٠٤٠ فلا حاجة إلى إعادته هنا.

(المسألة الثانية): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان النهي عن لبس خاتم الذهب. (ومنها): النهي عن لبس القَسّيّ، وَقَدْ تقدّم الخلاف فِي تفسيرها آنفاً. (ومنها): ما قاله فِي "الفتح": استُدلَّ بالنهي عن لبس القسي، عَلَى منع لبس ما خالطه الحرير منْ الثياب، لتفسير القسي بأنه ما خالط غيرُ الحرير فيه الحريرَ، ويؤيده عطف الحرير عَلَى القسي، فِي حديث البراء -رضي الله عنه-، ووقع كذلك فِي حديث عليّ -رضي الله عنه- عند أبي داود، والنسائي ٤٤/ ٥١٨٥ - وأحمد، بسند صحيح عَلَى شرط الشيخين، منْ طريق عبيدة بن عمرو، عن عليّ -رضي الله عنه- قَالَ: "نهاني النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، عن القسي، والحرير".