للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وينبغي أن يقصد بذلك إظهار نعمة الله تعالى عليه، والتوصّل إلى المقصد المذكور، ولا يلبسه للتكبّر، والخيلاء، فإن ذلك محرّم، ويجتب أيضًا لبس الشهرة، حَتَّى لا يدخل فِي الوعيد الذي ورد فيمن لبس ثوب الشهرة، فقد أخرج أحمد، وأبو داود، وابن ماجه بإسناد حسن، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "منْ لبس ثوب شهرة، ألبسه الله تبارك وتعالى ثوب مذلة يوم القيامة".

قَالَ الشوكانيّ رحمه الله تعالى فِي شرح هَذَا الْحَدِيث: والحديث يدلّ عَلَى تحريم لبس ثوب الشهرة، وليس هَذَا الْحَدِيث مختصاً بنفيس الثياب، بل قد يحصل ذلك لمن يلبس ثوباً يخالف ملبوس النَّاس منْ الفقراء؛ ليراه النَّاس، فيتعجّبوا منْ لباسه، ويعتقدوه. قاله ابن رسلان. وإذا كَانَ اللبس لقصد الاشتهار فِي النَّاس، فلا فرق بين رفيع الثياب ووضيعها، والموافق لملبوس النَّاس والمخالف؛ لأن التحريم يدور مع الاشتهار، والمعتبر القصد، وأن يطابق الواقع. انتهى "نيل الأوطار" ٢/ ٢٠٧. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٥٢٢٦ - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فِي ثَوْبٍ دُونٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "أَلَكَ مَالٌ؟ "، قَالَ: نَعَمْ مِنْ كُلِّ الْمَالِ، قَالَ: "مِنْ أَيِّ الْمَالِ؟ "، قَالَ قَدْ آتَانِيَ اللَّهُ مِنَ الإِبِلِ، وَالْغَنَمِ، وَالْخَيْلِ، وَالرَّقِيقِ، قَالَ: "فَإِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالاً، فَلْيُرَ عَلَيْكَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ، وَكَرَامَتِهِ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "أحمد بن سليمان": أبو الحسين الرُّهاويّ الثقة الحافظ منْ أفراد المصنّف. و"أبو نعيم": هو الضحّاك بن مخلد. و"زُهير": هو ابن معاوية بن حُديج.

وقوله: "دُون" -بضم الدال المهملة-: أي خسيس.

وقوله: "فلير": هكذا النسخ، بحذف الألف للجازم، لكن ذكر السنديّ أنه وقع نسخته بلفظ: "فليرى" بإثباتها، قَالَ: كأنه للإشباع، أو معاملة المعتلّ معاملة الصحيح. انتهى.

وقوله: "وكرامته": فيه أن المال كرامة منْ الله تعالى لعبده، لكن إذا صرفه فِي مصارفه التي أمر الله أن يُصرف فيها، فأما إذا خالف ذلك، فيكون فتنة وعذاباً، كما قَالَ الله عز وجل: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: ٥٥]. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.