للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أريس … " الْحَدِيث. أفاده فِي "الفتح" ١١/ ٥١٧ (حَتَّى هَلَكَ) أي سقط ذلك الخاتم (فِي بِئْرِ أَرِيسٍ) بفتح، فكسر، بوزن أمير: اسم بئر معروفة قريبة منْ مسجد قبا عند المدينة، قاله فِي "النهاية" ١/ ٣٩. قَالَ الكرمانيّ: والأفصح صرفه. ذكره السنديّ فِي "شرحه" ٨/ ١٩٦.

وفي حديث أنس -رضي الله عنه- عند البخاريّ: "فلما كَانَ عثمان جلس عَلَى بئر أريس، قَالَ: فأخرج الخاتم، فجعل يعبث به (١)، فسقط، قَالَ: فاختلفنا ثلاثة أيام، مع عثمان، فنزح البئر، فلم نجده".

قَالَ فِي "الفتح": قوله: "فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان، فَنَزَحَ البئرَ، فلم نجده": أي فِي الذهاب، والرجوع، والنزول إلى البئر، والطلوع منها، ووقع فِي رواية ابن سعد: "فطلبناه مع عثمان ثلاثة أيام، فلم نقدر عليه".

قَالَ بعض العلماء: كَانَ فِي خاتمه -صلى الله عليه وسلم-، منْ السر شيء مما كَانَ فِي خاتم سليمان عليه السلام؛ لأن سليمان لَمّا فقد خاتمه ذهب ملكه، وعثمان لَمّا فقد خاتم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- انتقض عليه الأمر، وخرج عليه الخارجون، وكان ذلك مبدأ الفتنة، التي أفضت إلى قتله، واتصلت إلى آخر الزمان. انتهى "فتح" ١١/ ٥١٧.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الذي قاله البعض منْ أن انتظام ملك سليمان عليه السلام كَانَ عَلَى خاتمه يحتاج إلى ثبوت نقل صحيح، ولا أظنه يثبُت، فقد ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى قصّة خاتم سليمان فِي "تفسيره" عند قوله عز وجل: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ} الآية [ص: ٣٤]، مطوّلة، ومختصرة عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما، ثم قَالَ: إسناده إلى ابن عبّاس رضي الله عنهما قويّ، ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما، إن صحّ عنه منْ أهل الكتاب، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوّة سليمان عليه السلام، فالظاهر أنهم يكذبون عليه. انتهى كلام ابن كثير باختصار.

والحاصل أن بُطلان ما يُحكى فِي قصّة خاتم سليمان عز وجل ظاهر، فلا يُغترّ بما كتبه بعض المفسّرين الذين لا هَمّ لهم إلا جمع الغثّ والسمين، وتضخيم كتبهم بالقصص

الباطلة، والترّهات العاطلة، فـ {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) قَالَ الكرماني رحمه الله تعالى: معنى قوله: "يعبث به": يحركه، أو يخرجه منْ إصبعه، ثم يدخله فيها، وذلك صورة العبث، وانما يفعل الشخص ذلك عند تفكره فِي الأمور.