للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عتبة، قَالَ: أخذني الشر عَلَى عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمرني، فتجرّدت، فوضع يده عَلَى بطني، وظهري، فعبق بي الطيب منْ يومئذ، قالت: أم عاصم: كنّا عنده أربع نسوة، فكنّا نجتهد فِي الطيب، وما كَانَ هو يمسّه، وإنه كَانَ لأطيبا ريحاً. انتهى.

(أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) وفي رواية مسلم منْ طريق عاصم الأحول، عن أبي عثمان، قَالَ: كتب إلينا عمر، ونحن بأذربيجان، يا عتبة بن فرقد، إنه ليس منْ كدّك، ولا منْ كدّ أبيك، ولا منْ كدّ أمك، فأشبع المسلمين فِي رحالهم مما تشبع منه فِي رحلك، وإياكم، والتنعّم، وزيّ أهل الشرك، ولبوس الحرير، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن لبوس الحرير … " الْحَدِيث.

قَالَ النوويّ: رحمه الله تعالى: ومقصود عمر -رضي الله عنه- حثّهم عَلَى خشونة العيش، وصلابتهم فِي ذلك، ومحافظتهم عَلَى طريقة العرب فِي ذلك. انتهى.

وفي رواية الإسماعيليّ فيه منْ طريق عليّ بن الجعد، عن شعبة بعد قوله: مع عتبة ابن فرقد زيادةُ: "أما بعد، فاتزروا، وارتَدُوا، وانتعلوا، وألقوا الخفاف، والسراويلات، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل عليه السلام، وإياكم والتنعّم، وزيّ العجم، وعليكم بالشمس، فإنها حمّام العرب، وتمعددوا، واخشوشنوا، واخلولقوا، واقطعوا الركب، وانزوا نزوًا، وارموا الأغراض، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- … " الْحَدِيث.

وبيّن أبو عوانة فِي "صحيحه" منْ وجه آخر سبب قول عمر ذلك، فعنده فِي أوله: "أن عتبة بن فرقد بعث إلى عمر مع غلام له بسلال فيها خَبِيص (١)، عليها اللبود، فلما رآه عمر -رضي الله عنه- قَالَ: أيشبع المسلمون فِي رحالهم منْ هَذَا؟ قَالَ: لا، فَقَالَ عمر: لا أريده، وكتب إلى عتبة: إنه ليس منْ كدّك … " الْحَدِيث. ذكره فِي "الفتح" ١١/ ٤٦٥.

(قَالَ: "لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ، إِلاَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الآخِرَةِ) أي منْ يُحرم لبس الحرير فيها (إِلاَّ هَكَذَا"، وَقَالَ) أي أشار، ففيه إطلاق القول عَلَى الفعل مجازا (أَبُو عُثْمَانَ) النهدي (بِأُصْبُعَيْهِ) بكسر الهمزة، وفتح الموحّدة، أفصح منْ ضم الهمزة، وفتحها، مع تثليث الموحّدة (اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الإِبْهَامَ) وفي رواية البخاريّ: "وأشار أبو عثمان بإصبعيه المسبّحة، والوسطى" (فَرَأَيْتُهُمَا أَزْرَارَ الطَّيَالِسَةِ) ببناء الفعل للفاعل، وذكر النوويّ فِي "شرح مسلم" أنه بضم الراء، وكسر الهمزة، أي مبنيًا للمفعول. قَالَ السنديّ: قوله: فرأيتهما أزرار الطيالسة: أي رأيت أنهما إشارة إلى أزرار الطيالسة، فيجوز أن يكون الزّرّان منْ الحرير (حَتَّى رَأَيْتُ الطَّيَالِسَةَ) فعلمت بذلك أن المراد


(١) "الخبيص": المعمول منْ التمر والسمن. قاله فِي "القاموس".