للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حجر فِي كلامهما السابق منْ صحة الْحَدِيث بالطريقين هو الأرجح عندي.

وحاصله أن الْحَدِيث صحيح عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي طلحة، كما هو صحيح عن عبيد الله، عن ابن عبّاس، عن أبي طلحة؛ إذ يُحمل عَلَى أن عبيد الله سمعه عن ابن عبّاس، عن أبي طلحة، ثم سمعه بعدُ عن أبي طلحة نفسِه، وأن القصّة المذكورة صحيحة، لكنها لعثمان بن حُنيف، لا لأخيه سهل، فتنبّه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): فِي ذكر اختلاف أهل العلم فِي حكم استعمال الصور، وَقَدْ تقدّم هَذَا البحث فِي "الطهارة"، و"الصيد والذبائح"، ولكن لأهميّته لا بأس بإعادته هنا، فأقول:

قَالَ الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ رحمه الله تعالى: وللعلماء فِي هَذَا الباب أقاويل، ومذاهب: [منها]: أنه لا يجوز أن يمسك الثوب الذي فيه تصاوير وتماثيل، سواء كَانَ منصوبا، أو مبسوطا، ولا يجوز دخول البيت الذي فيه التصاوير، والتماثيل فِي حيطانه، وذلك مكروه كله؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه تصاوير"، فإن فعل ذلك فاعلٌ بعد علمه بالنهي عن ذلك، كَانَ عاصيا عندهم، ولم يحرم عليه بذلك ملك الثوب، ولا البيت، ولكنه ينبغي له أن يتنزه عن ذلك كله، ويكرهه وينابذه؛ لما ورد منْ النهي فيه.

وحجةُ منْ ذهب هَذَا المذهب فِي الثياب، وفي حيطان البيوت وغيرها، حديثُ ابن شهاب وغيره، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: دخل عليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنا مستترة بقِرام فيه صور، فتلون وجهه، وتناول الستر فهتكه، ثم قَالَ: "إن منْ أشد النَّاس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله"، وروى نافع هَذَا الخبر، عن القاسم، بهذا المعنى، وزاد: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "إن البيت الذي فيه الصور، لا يدخله الملائكة".

قَالَ: وزيادة منْ زاد فيه منْ الثقات الحفاظ، إباحة ما يُتوسد منْ ذلك، ويُرتفق به، ويُمتهن يجب قبولها، وإن كَانَ ظاهر حديث مالك فِي ذلك كراهية عموم الصور، عَلَى كل حال، وإلى ذلك ذهب ابن شهاب، وهو راوية الْحَدِيث.

قَالَ: ذكر ابن أبي شيبة، عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهريّ، أنه كَانَ يكره التصاوير، ما نُصب منها، وما بُسط، وكان مالك لا يرى بذلك بأسا فِي البسط، والوسائد، والثياب عَلَى حديث سهل بن حنيف هَذَا: "إلا ما كَانَ رقما فِي ثوب".

ثم أخرج بسنده، عن حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كَانَ