للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَقِرّ الشيءُ فِي الإناء، أو تشبيها بأنية الزجاج؛ لضعفها، قَالَ الأزهريّ: والعرب تَكني عن المراة بالقارورة، والْقَوْصَرّة. انتهى. وفي رواية البخاريّ: "أخذت منْ عَرَقه، وشعره، فجعلته فِي قارورة"، وفي رواية مسلم: "فِي قوارير"، ولم يذكر الشعر، قَالَ الحافظ: وفي ذكر الشعر غرابة فِي هذه القصّة، وَقَدْ حمله بعضهم عَلَى ما يتنثر منْ شعره عند الترجّل، ثم رأيت فِي رواية محمد بن سعد ما يزيل اللبس، فإنه أخرج بسند صحيح عن ثابت، عن أنس أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لَمّا حلق شعره بمنى أخذ أبو طلحة شعره، فأتى به أمّ سليم، فجعلته فِي سُكّها، قالت أم سليم: وكان يجيء، فيقيل عندي عَلَى نطع، فجعلت أَسْلُتُ العرق … الْحَدِيث، فيستفاد منْ هذه الرواية أنها لما أَخَذت العرق وقت قيلولته، أضافته إلى الشعر الذي عندها، لا أنها أخذت منْ شعره لما نام، ويستفاد منها أيضًا أن القصة المذكورة، كانت بعد حجة الوداع؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- إنما حلق رأسه بمنى فيها.

وقوله: "فِي سك" -بضم المهملة، وتشديد الكاف-: هو طيب مركب، وفي "النهاية": طيب معروف، يضاف إلى غيره منْ الطيب، ويستعمل، وفي رواية الحسن ابن سفيان: "ثم تجعلها فِي سكها".

(فَرَآهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "مَا هَذَا الَّذِى تَصْنَعِينَ، يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ " قَالَتْ: أَجْعَلُ عَرَقَكَ فِي طِيبِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-) وفي رواية مسلم منْ طريق ثابت، عن أنس -رضي الله عنه- قَالَ: "دخل علينا النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ عندنا، فعرِق، وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تَسلُت العرق فيها، فاستيقظ، فَقَالَ: يا أم سليم، ما هَذَا الذي تصنعين؟ قالت: هَذَا عرقك نجعله فِي طيبنا، وهو منْ أطيب الطيب". وفي رواية مسلم أيضًا منْ طريق إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس -رضي الله عنه-: "عرق، فاستنقع عرقه عَلَى قطعة أَديم، ففتحت عَتِيدتها، فجعلت تنشف ذلك العرق، فتعصره فِي قواريرها، فأفاق، فَقَالَ: ما تصنعين؟ قالت نرجو بركته لصبياننا، فَقَالَ: أصبت".

و"العتيدة"-: بمهملة، ثم مثناة، وزن عظيمة: السَّلَّة، أو الْحُقّ، وهي مأخوذة منْ العتاد، وهو الشيء المعد للأمر المهم.

وفي رواية مسلم أيضًا منْ طريق أبي قلابة، عن أنس -رضي الله عنه-: "فكانت تجمع عرقه، فتجعله فِي الطيب، والقوارير، فَقَالَ: ما هَذَا؟ قالت: عرقك أَذُوف به طيبي"، و "أذوف" -بمعجمة مضمومة، ثم فاء-: أي أخلط.

ويستفاد منْ هذه الروايات اطلاعُ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى فعل أم سليم، وتصويبه، ولا معارضة بين قولها: إنها كانت تجمعه لأجل طيبه، وبين قولها للبركة، بل يحمل عَلَى أنها