للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إسحاق: حدّثني حكيم بن عبّاد، عن أبي جعفر -يعني الباقر- قَالَ: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خالد بن الوليد حين افتتح مكة إلى بني جَذِيمة، داعيًا, ولم يبعثه مقاتلاً. قاله فِي "الفتح" ٨/ ٣٨١. "كتاب المغازي" رقم ٤٣٣٩ (فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإسْلَامِ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا) وفي رواية البخاريّ: "صبأنا صبأنا" بالتكرار، قَالَ فِي "الفتح": هَذَا منْ ابن عمر، راوي الْحَدِيث يدلّ عَلَى أنه فهم أنهم أرادوا الإِسلام حقيقة، ويؤيد فهمه أن قريشا كانوا يقولون لكل منْ أسلم: "صبأ"، حَتَّى اشتهرت هذه اللفظة، وصاروا يطلقونها فِي مقام الذمّ، ومن ثَمّ لَمّا أسلم ثُمامة بن أُثال، وقَدِمَ مكة معتمرًا، قالوا له: "صبأت"، قَالَ: لا، بل أسلمت، فلما اشتهرت هذه اللفظة بينهم فِي موضع "أسلمت" استعملها هؤلاء، وأما خالد فحمل هذه اللفظة عَلَى ظاهرها؛ لأن قولهم: صبأنا: أي خرجنا منْ دين إلى دين، ولم يكتف خالد بذلك، حَتَّى يُصَرِّحوا بالإِسلام. وَقَالَ الخطّابيّ: يحتمل أن يكون خالد نَقَمَ عليهم العدول عن لفظ الإِسلام؛ لأنه فَهِم عنهم أن ذلك وقع منهم عَلَى سبيل الأَنَفَة، ولم ينقادوا إلى الدين، فقتلهم متأولا قولهم.

(وَجَعَلَ خَالِدٌ قَتْلاً وَأَسْرًا) هكذا رواية المصنّف فِي بعض النسخ، وفي بعضها: "قَتْلى، وأسرى"، ووجه الأول أنه منصوب عَلَى أنه مفعول مطلق لفعل مقدّر، والتقدير: وجعل خالد يقتلهم قتلاً، ويأسرهم أسرًا، ووجه الثاني: أنه جمع قتيل، وأسير: أي جعل خالد بعضهم قَتْلى، وبعضهم أَسْرَى. وفي رواية البخاريّ: "فجعل خالد يقتل منهم، ويأسر"، وفي كلام ابن سعد: أنه أمرهم أن يستأسروا، فاستأسروا، فكتّف بعضَهم بعضا، وفرّقهم فِي أصحابه، فيُجمع بأنهم أَعْطَوا بأيديهم بعد المحاربة.

(قَالَ: فَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ أَسِيرَهُ) أي دفع خالد -رضي الله عنه- إلى كلّ رجل منْ أصحابه الذين كانوا معه فِي السرية، وفي رواية الباقر: "فَقَالَ لهم خالد: ضَعُوا السلاح، فإن النَّاس قد أسلموا، فوضعوا السلاح، فأمر بهم، فكتفوا، ثم عرضهم عَلَى السيف" (حَتَّى إِذَا أَصْبَحَ يَوْمُنَا) بالرفع عَلَى الفاعليّة: أي دخل اليوم فِي الصباح، وفي رواية البخاريّ: "حَتَّى إذا كَانَ يوم"، قَالَ فِي "الفتح": كذا بالتنوين: أي منْ الأيام، و"كَانَ" تامة. وعند ابن سعد: "فلما كَانَ السحرُ نادى خالد: منْ كَانَ معه أسير، فليضرب عنقه"، ويجمع بينه وبين رواية المصنّف بأن المراد بقوله: "أصبح": أي قارب الصباح، (أَمَرَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ) وفي رواية عند البخاريّ: "أن يقتل كل إنسان أسيره" (قَالَ ابْنُ عُمَرَ) رضي الله تعالى عنهما (فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلَا يَقْتُلُ أَحَدٌ -وَقَالَ بِشْرٌ) أي ابن السريّ الراوي عن ابن المبارك (مِنْ أَصْحَابِي) يعني أن بشرا