للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ") قَالَ القرطبيّ: أي إذا كَانَ مستحلاً لذلك، فإن كَانَ غير مستحلّ، وكان ممن لم يُغفر له، فيعذّبه الله تعالى فِي النار ما شاء منْ الآباد، وفيها تحرُم عليه الجنّة، ثم يكون حاله كحال أهل الكبائر منْ الموحّدين، عَلَى ما تقدّم. انتهى "المفهم" ١/ ٣٤٧.

(فَقَالَ لَهُ) أي للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- (رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيئَا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللهِ؟) أي وإن كَانَ الحقّ المقتطع شيئًا قليلاً منْ المال (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ) اسم "كَانَ" ضمير يعود إلى حقّ امرىء، ويحتمل أن يعود إلى "شيئًا يسيرًا وفي رواية مسلم: "وإن قضيبًا منْ أراك وفي بعض نسخه: "وإن قضيب" بالرفع، قَالَ النوويّ: هكذا هو بالرفع فِي بعض الأصول، أو أكثرها، وفي كثير منها: "وإن قضيبا"، عَلَى أنه خبر "كَانَ" المحذوفة، أو أنه مفعول لفعل محذوف، تقديره: وإن اقتطع قضيبا. انتهى. ولله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث أبي أمامة رضي الله تعالى عنه هَذَا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٣٠/ ٥٤٢١ - وفي "الكبرى" ٣٤/ ٥٩٨٠. وأخرجه (م) فِي "الإيمان" ١٣٧ (ق) فِي "الأحكام" ٢٣٢٤ (أحمد) فِي "باقي مسند الأنصار" ٢١٧٣٦ (الموطأ) فِي "الأقضية" ١٤٣٥ (الدارميّ) فِي "البيوع" ٢٤٩٠. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان مشروعيّة القضاء فِي قليل المال وكثيره، ووجه دلالة الْحَدِيث عَلَى ذلك أنه لَمّا ذكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أن منْ اقتطع حقّ امرى مسلم، وإن كَانَ شيئاً يسْيرًا، دلّ عَلَى أن اقتطاع القليل محرّم، وظلم ككثيره، ومعلوم أن منْ ظلم غيره، رافعه المظلوم إلى الحاكم، فإذا رفع إليه وجب عليه القضاء فيه، كما يجب عليه القضاء فِي كثير المال بلا فرق؛ إذ الكلّ ظلم؛ وقضاؤه هو الذي يدفع الظلم عن المظلوم. والله تعالى أعلم. (ومنها): تحريم مال المسلم مطلقًا، كثيراً كَانَ، أو قليلاً. (ومنها): أن اليمين الفاجرة منْ الكبائر؛ لتوعّد الشارع عليها بأنها موجبة للنار، ومحرّمة للجنة. (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله تعالى: أنه يستفاد منه أن اليمين الغَمُوس لا يرفع إثمها الكفّارة، بل هي أعظم منْ أن يكفّرها شيء، كما هو مذهب مالك رحمه الله تعالى. انتهى. "المفهم" ١/ ٣٤٧. والله تعالى أعلم