للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الأمثال" للميداني: أنها عاشت بعد وفاة أبي سفيان، فإنه ذكر قصة فيها: أن رجلاً سأل معاوية أن يزوجه أمه، فَقَالَ: إنها قعدت عن الولد، وكانت وفاة أبي سفيان فِي خلافة عثمان، سنة اثنتين وثلاثين. قاله فِي "الفتح" ١٠/ ٦٣٦ - ٦٣٧.

(إِلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-) متعلّق بـ"جاءت" (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ) هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس، زوجها، وكان قد رَأَس فِي قريش بعد وقعة بدر، وسار بهم فِي أحد، وساق الأحزاب يوم الخندق، ثم أسلم ليلة الفتح.

(رَجُلٌ شَحِيحٌ) الشح: البخل مع حرص، والشح أعم منْ البخل؛ لأن البخل يختص بمنع المال، والشح بكل شيء. وقيل: الشح لازم كالطبع، والبخل غير لازم.

ولفظ "الكبرى": "رجل مُمْسِك"، وفي رواية للشيخين: "رجل مِسِّيك": واختُلف فِي ضبطه، فالأكثر بكسر الميم وتشديد السين عَلَى المبالغة، وقيل: بوزن شحيح، قَالَ النوويّ: هَذَا هو الأصح منْ حيث اللغة، وإن كَانَ الأول أشهر فِي الرواية. قَالَ الحافظ: ولم يظهر لي كون الثاني أصح، فإن الآخر مستعمل كثيرا، مثلُ شِرِّيب وسِكِّير، وإن كَانَ المخفف أيضاً فيه نوع مبالغة، لكن المشدد أبلغ، وَقَالَ فِي "النهاية": المشهور فِي كتب اللغة الفتح والتخفيف، وفي كتب المحدثين الكسر والتشديد.

قَالَ القرطبيّ: لم تُرد هند وصف أبي سفيان بالشح فِي جميع أحواله، وإنما وصفت حالها معه، وأنه كَانَ يُقَتِّر عليها، وعلى أولادها، وهذا لا يستلزم البخل مطلقاً، فإن كثيرا منْ الرؤساء يفعل ذلك مع أهله، ويؤثر الأجانب استئلافًا لهم. وسيأتي قريباً ذكر سبب يقول هند هَذَا، إن شاء الله تعالى.

(وَلَا يُنْفِقُ عَلَيَّ وَوَلَدِي) هكذا بالعطف عَلَى الضمير المجرور بدون إعادة الجارّ، وهو جائز فِي سعة الكلام عَلَى الصحيح، فقد قرىء فِي السبع قوله عز وجل: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النِّساء: ١]، بجرّ الأرجام عطفًا عَلَى الهاء، وَقَالَ الشاعر:

فَالْيَوْمَ قَرَّبْتَ تَهْجُونَا وَتَشْتِمُنَا … فَاذْهَبْ فَمَا بِكَ وَالأَيَّامِ منْ عَجَبِ

بجرّ "الأيّام" عطفًا عَلَى الكاف، وإلى هَذَا أشار ابن مالك رحمه الله تعالى فِي "الخلاصة" حيث قَالَ:

وَعَوْدُ خَافِضٍ لَدَى عَطْفٍ عَلَى … ضَمِيرِ خَفْضِ لَازِمًا قَدْ جُعِلَا

وَلَيْسَ عِنْدِي لَازِمًا إِذْ قَدْ أَتَى … فِي النَّظْمِ وَالنَّثْرِ الصَّحيحِ مُثبَتا

(مَا يَكْفِينِي) "ما" موصولة مفعول "يُنفق"، ولفظ "الكبرى": "لا يُعطيني، شحيحٌ ما يكفيني وجوبًا"، والظاهر أن "ما يكفني" مفعول "يُعطيني" (أَفَآخُذُ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يَشعُرُ؟)