للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخرجه هنا -٣٥/ ٥٤٢٦ - وفي "الكبرى" ٤٥/ ٥٩٩٧ و٥٩٩٨. وأخرجه (د) فِي "الأقضية" ٣٦١٢ (ق) فِي "الأحكام" ٢٣٣٠ (أحمد) فِي "مسند الكوفيين" ١٩١٠٦. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فيما إذا تنازع رجلان فِي عين فِي أيديهما:

قَالَ الموفّق رحمه الله تعالى: ما خلاصته: إذا تنازع رجلان فِي عين فِي أيديهما، فادعى كل واحد منهما أنها ملكه دون صاحبه، ولم تكن لهما بينة، حَلَف كل واحد منهما لصاحبه، وجُعلت بينهما نصفين، لا نعلم فِي هَذَا خلافا؛ لأن يد كل واحد منهما عَلَى نصفها، والقول قول صاحب اليد مع يمينه، وإن نكلا جميعاً عن اليمين، فهي بينهما أيضاً؛ لأن كل واحد منهما يستحق ما فِي يد الآخر بنكوله، وإن نكل أحدهما، وحَلَفَ الآخر قُضي له بجميعها؛ لأنه يستحق ما فِي يده بيمينه، وما فِي يد صاحبه إما بنكوله، وإما بيمينه التي رُدّت عليه عند نكول صاحبه، وإن كانت لإحداهما بينة دون الآخر حُكم له بهل، لا نعلم فِي هَذَا خلافا، وإن أقام كل واحد منهما بينة، وتساوتا تعارضت البينتان، وقُسمت العين بينهما نصفين، وبهذا قَالَ الشافعيّ، وأبو ثور، وأصحاب الرأي؛ لما رَوَى أبو موسى رضي الله عنه: "أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فِي بعير، فأقام كل واحد منهما شاهدين، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالبعير بينهما نصفين"، رواه أبو داود (١) ولأن كل واحد منهما داخل فِي نصف العين، خارج عن نصفها، فتُقدم بينة كل واحد منهما فيما فِي يده عند منْ يقدم بينة الداخل، وفيما فِي يد صاحبه عند منْ يقدم بينة الخارج، فيستويان عَلَى كل واحد منْ القولين. وذكر أبو الخطاب فيها رواية أخرى: أنه يُقرَع بينهما، فمن خرجت قرعته حُلِّف أنها لا حق للآخر فيها، وكانت اليمين له، كما لو كانت فِي يد غيرهما، والأول أصح؛ للخبر (٢) والمعنى.

واختلفت الرواية هل يُحلَّف كل منهما عَلَى النصف المحكوم له به، أو يكون له منْ غير يمين، فرُوي أنه يحلف، وهذا ذكره الخرقي؛ لأن البينتين لما تعارضتا منْ غير ترجيح وجب إسقاطها، كالخبرين إذا تعارضا وتساويا، وإذا سقطا صار المختلفان كمن لا بينة لهما، ويحلف كل واحد منهما عَلَى النصف المحكوم له به، وهذا أحد قولي الشافعيّ بناءً عَلَى أن اليمين تجب عَلَى الداخل مع بينته، وكل واحد منهما داخل فِي


(١) لكن الْحَدِيث ضعيف؛ للاضطراب بالإرسال والوصل، ولأن الصحيح بلفظ: "ليس لأحدهما بيّنة"، كما هو فِي رواية المصنّف فِي الباب.
(٢) قد عرفت أن الخبر لا يصحّ، فتنبّه.