للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كله حسن، لا سوء فيه، وهو عام فِي النفس، والمال، والأهل، والولد، والخاتمة، والمعاد.

(وَجَهْدِ الْبَلَاءِ) بفتح الجيم، وضمها، والفتح أشهر، وأفصح، روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه فسّره بقلة المال، وكثرة العيال، وَقَالَ غيره: هي الحال الشاقّة.

وَقَالَ فِي "الفتح": قَالَ ابن بطال وغيره: جهد البلاء: كل ما أصاب المرء منْ شدة مشقة، ومالا طاقة له بحمله، ولا يقدر عَلَى دفعه. وقيل: المراد بجهد البلاء قلة المال، وكثرة العيال، كذا جاء عن ابن عمر، والحق أن ذلك فرد منْ أفراد جهد البلاء. وقيل: هو ما يختار الموت عليه. انتهى.

وإنما تعوذ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منْ ذلك؛ تعليما لأمته، فإن الله تعالى كَانَ آمنه منْ جميع ذلك، وبذلك جزم عياض. قَالَ الحافظ: ولا يتعين ذلك، بل يحتمل أن يكون استعاذ بربه منْ وقوع ذلك بأمته، ويؤيده رواية مسدد المذكورة بصيغة الأمر، كما تقدّم.

وَقَالَ السيوطيّ فِي "شرحه": "جهد البلاء": هي الحالة التي يختار الموت عليها- أي لو خير بين الموت، وبين تلك الحالة لأحبّ أن يموت تحرّزًا عن تلك الحالة. وقيل: هو قلة المال، وكثرة العيال. وَقَالَ الكرمانيّ: هذه الكلمة جامعة؛ لأن المكروه إما أن يلاحظ منْ جهة المبدإ، وهو سوء القضاء، أو منْ جهة المعاد، وهو درك الشقاء، أو منْ جهة المعاش، وهو إما منْ جهة غيره، وهو شماتة الأعداء، أو منْ جهة نفسه، وهو جهد البلاء، نعوذ بالله منْ ذلك.

قَالَ السنديّ رحمه الله تعالى: وأنت خبير بأنه لا مقابلة عَلَى ما ذكره بين سوء القضاء، وغيره، بل غيره كالتفصيل لجزئياته، فالمقابلة ينبغي أن تعتبر باعتبار أن مجموع الثلاثة الأخيرة بمنزلة القدر، فكأنه قَالَ: منْ سوء القضاء والقدر، لكن أقيم أهمّ أقسام سوء القدر مقامه.

بقي أن المقضيّ منْ حيث القضاء أزليّ، فأيّ فائدة فِي الاستعاذة منه، والظاهر أن المراد صرف المعلّق منه، فإنه قد يكون معلّقا، والتحقيق أن الدعاء مطلوب؛ لكونه عبادة، وطاعة، ولا حاجة لنا فِي ذلك إلى أن نعرف الفائدة المترتبة عليه، سوى ما ذكرنا. انتهى "شرح السنديّ" ٨/ ٢٧٠.

(قَالَ سُفْيَانُ) هو ابن عيينة، راوي الْحَدِيث المذكور، فهو موصول بالسند المذكور (هُوَ ثَلَاَثةُ) أي المذكور فِي الْحَدِيث المرفوع ثلاثة أشياء فقط (فَذَكَرْتُ أَرْبَعَةً؛ لِأَنِّي لَا أَحْفَظُ الْوَاحِدَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ) وفي رواية البخاريّ: "قَالَ سفيان: الْحَدِيث