للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَلَيْهِ) وتقدّم أن قدومهم كَانَ زمن الفتح (عَنِ الدُّبَّاءِ، وَعَنِ النَّقِيرِ، وَعَنِ الْمُزَفَّتِ) أي عن الانتباذ فِي هذه الأوعية؛ خوفاً منْ أن يصير مسكرًا فيها, ولا يُعلم به؛ لكثافتها، فتتلف ماليّته، وربّما شربه الإنسان ظانًا أنه لم يصر مسكرًا، فيصير شاربًا للمسكر، وكان العهد قريباً بإباحة المسكر، فلما طال الزمان، واشتهر تحريم المسكر، وتقرّر فِي نفوسهم، نُسخ ذلك، وأُبيح لهم الانتباذ فِي كلّ وعاء بشرط أن لا يشربوا مسكرًا. قاله النوويّ فِي "شرح مسلم" ١٣/ ١٥٩. (وَالْمَزَادَةِ) بفتح الميم، وفي بعض النسخ: "والمزاد"، وهو جمع مزادة، قَالَ فِي "القاموس": المزادة: الراوية، أو لا تكون إلا منْ جلدين تُفْأَم بثالث بينهما لتتّسع، جمعه مزاد، ومَزايِدُ. انتهى. وفي "المصباح": المَزادة: شطر الراوية -بفتح الميم، والقياس كسرها؛ لأنها آلة يُستقى فيها الماء، وجمعها مزايِدُ، وربّما قيل: مَزَادٌ بغير هاء، والمزادة: مَفْعلةٌ منْ الزاد؛ لأنه يَتَزَوّد فيها الماءَ. انتهى.

وقوله: (الْمَجْبُوبَةِ) وقع فِي بعض النسخ: "والمجبوبة" بواو العطف، وهو غلط؛ لأنه صفة للمزادة.

قَالَ القاضي عياض رحمه الله تعالى: ضبطناه "المجبوبة" فِي جميع الكتب بالجيم، وبالياء الموحّدة المكرّرة، قَالَ: ورواه بعضهم "المخنوثة" بخاء معجمة، ثم نون، وبعد الواو ثاء مثلّثة، كأنه أخذه منْ اختناث الأسقية المذكورة فِي حديث آخر، وهذه الرواية ليست بشيء، والصواب الأول أنها بالجيم. قَالَ إبراهيم الحربيّ، وثابتٌ: هي التي قُطع رأسها، فصارت كهيئة الدَّنّ، وأصل الجبّ القطع. وقيل: هي التي قُطع رأسها، وليست لها عزلاء منْ أسفلها، يتنفّس الشراب منها، فيصير مسكرًا , ولا يُدرى به. نقله النوويّ فِي "شرح مسلم" ١٣/ ١٥٩.

(وَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (انْتَبِذْ فِي سِقَائِكَ) بكسر السين، ككِساء: جلد السخلة إذا أجذع، يكون للماء واللبن، جمعه أسقية، وأسقيات، وأساقٍ. قاله فِي "القاموس" (وأَوْكهِ) بقطع الهمزة، أمر منْ أوكى، يقال: أوكيت السقاء بالألف: شدَدت فمه بالوكاء، ووكيته، منْ باب وعد لغة قليلة. والوكاء ككتاب: حبلٌ يُشدّ به رأس القربة. أفاده فِي "المصباح" وعلى اللغة الأخيرة يجوز وصل الهمزة هنا. قَالَ النوويّ: معناه أن السقاء إذا أُوكى أُمنت مفسدة الإسكار؛ لأنه متى تغيّر نبيذه، واشتدّ, وصار مسكرًا شقّ الجلد الْمُوكَى، فما لم يشقّه لا يكون مسكرًا، بخلاف الدباء، والحنتم، والمزادة المجبوبة، والمزفّت، وغيرها منْ الأوعية الكثيفة، فإنه قد يصير فيها مسكرًا, ولا يُعلم. انتهى "شرح مسلم" ١٣/ ١٦٠.

(وَاشْرَبْهُ حُلْوًا) أي قبل أن يتغيّر، ويصير مسكرًا (قَالَ بَعْضُهُمُ: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ