للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا يُعلم به. أفاده فِي "الفتح" ١١/ ١٨٧ (قَالَ) بريدة -رضي الله عنه- (فَلَبثَ) بكسر الموحّدة، منْ باب تعب: أي عاش (بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَلْبَثَ، ثُمْ رَجَعَ عَلَيْهَمْ) أي عَلَى هؤلاء القوم الذين نهاهم أن ينتبذوا إلا فيما أوكوا عليه (فَإِذَا) هي الفجائيّة (هُمْ قَدْ أَصَابَهُمْ وَبَاءٌ) بفتح الواو، قَالَ الفيّوميّ: الوباء بالهمز: مرض عامّ، يُمدّ، ويُقصر، ويجمع الممدود عَلَى أوبئة، مثلُ مَتاع وأمتعة، والمقصور عَلَى أوباء، مثلُ سبب وأسباب، وَقَدْ وَبِئَت الأرض تَوْبَأ، منْ باب تعب وَبْئًا، مثل فلس: كثُر مرضها، فهي وَبِئَة، ووبيئةٌ، عَلَى فَعِلة، وفعيلة. انتهى (وَاصْفَرُّوا) أي اصفرّت أجسامهم منْ أجل المرض الذي حلّ بهم، والصفرة -كما فِي "المصباح-: لون دون الحمرة (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (مَا لِي أَرَاكُمْ قَدْ هَلَكْتُمْ؟) أي قاربتكم الهلاك، حيث تغيّرت أجسامكم (قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَرْضُنَا وَبِيئَةٌ) أي ذات مرض كثير (وَحَرَّمْتَ عَلَيْنَا إِلاَّ مَا أَوْكَيْنَا عَلَيْهِ) أي فلم نجد شرابَا يلائم أجسامنا، فحصل لنا بذلك الضرر (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (اشْرَبُوا) أي كلّ شراب تصنعونه فِي أي وعاء إذا لم يُسكر، كما شرطه بقول (وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ) أي إنما يحرم عليكم أن تشربوا المسكر، لا اتنباذكم فِي وعاء معّين.

وأخرج أبو يعلى، وصححه ابن حبّان منْ حديث الأشجّ الْعَصَريّ أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لهم: "ما لي أرى وجوهكم قد تغيّرت؟ " قالوا: نحن بأرض وخمة، وكنا نتّخذ منْ هذه الأنبذة، ما يقطع اللحمان فِي بطوننا، فلما نهيتنا عن الظروف، فذلك الذي ترى فِي وجوهنا، فَقَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "إن الظروف لا تُحلّ، ولا تحرّم، ولكن كلُّ مسكر حرام". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الْحَدِيث:

(المسألة الأولى): فِي درجته:

حديث بُريدة -رضي الله عنه- هَذَا صحيح، وهو منْ أفراد المصنّف رحمه الله تعالى، أخرجه هنا -٤٠/ ٥٦٥٧ - وفي "الكبرى" ٤١/ ٥١٦٥. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان الإذن فِي الانتباذ فِي كلّ وعاء، مع اجتناب المسكر. (ومنها): أن فيه بيان النسخ لما سبق منْ النهي لهم أن لا ينتبذوا إلا فِي الأسقية التي تربط أفواهها. (ومنها): بيان ما يترتّب عَلَى شرب المسكر، منْ رفع الأصوات، واللغطان، والهذيان، والاستهتار، دون مبالات بأحد، ولا استحياء منْ أحد، وَقَدْ أكرم الله تعالى النوع الإنساني بالعقل والفهم، فلا يرضى للعقلاء أن يتناولوا ما يُذهب عقولهم، أو يُبلّد أفهامهم، فهذا بعض حكم الشارع الحكيم فِي منع