للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رجلا عَلَى عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَانَ اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يُضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد جلده فِي الشرب، فأُتى به يوما فأمر به فجلد، فَقَالَ رجل منْ القوم: اللَّهم العنه ما أكثر ما يؤتي به؟ فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تلعنوه، فوالله ما علمته إلا يحب الله ويحب رسوله". قَالَ: وذكروا الخبر الثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو نفس بنفس"، فلا يجوز أن يقتل أحد لم يذكر فِي هَذَا الخبر.

قَالَ: هَذَا كل ما احتجوا به، ثم أخرج عن قبيصة بن ذؤيب، أن عمر بن الخطاب جلد أبا محجن فِي الخمر ثماني مرات، ورُوي نحو ذلك عن سعيد أيضاً، وكل ذلك لا حجة لهم فيه عليّ ما نبين إن شاء الله تعالى، أما حديث جابر بن عبد الله فِي نسخ الثابت منْ الأمر بقتل شارب الخمر فِي الرابعة، فإنه لا يصح لأنه لم يروه عن ابن المنكدر أحد متصلا إلا شريك القاضي، وزياد بن عبد الله البكائي، عن محمد بن إسحاق، عن ابن المنكدر، وهما ضعيفان.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: وأيضًا فيهما عنعنة ابن إسحاق، وهو مدلّس. والله تعالى أعلم.

قَالَ: وأما حديث قبيصة بن ذؤيب فمنقطع، ولا حجة فِي منقطع. وأما حديث زيد ابن أسلم الذي منْ طريق معمر عنه فمنقطع، ثم لو صح لما كانت فيه حجة؛ لأنه ليس فيه أن ذلك كَانَ بعد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالقتل، فأذ ليس ذلك فيه فاليقين الثابت لا يحل تركه للضعيف الذي لا يصح، ولو صح لكان ظنا، فسقط التعلق به جملة، ولو أن إنسانا يجلده النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الخمر ثلاث مرات قبل أن يأمر بقتله فِي الرابعة، لكان مقتضى أمره -صلى الله عليه وسلم- استئناف جلده بعد ذلك ثلاث مرات ولابد؛ لأنه عليه السلام حين لفظ بالحديث المذكور، أمر فِي المستأنف بضربه إن شرب، ثم بضربه إن شرب ثانية، ثم بضربه ثالثة ثم بقتله رابعة، هَذَا نص حديثه، وكلامه عليه السلام.

فإنما كَانَ يكون حجة لو بين فيه أنه أُتي به أربع مرات بعد أمره عليه السلام بقتله فِي الرابعة، وهكذا القول سواء سواء فِي حديث عمر الذي منْ طريق سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم.

قَالَ أبو محمد رحمه الله: فأما نحن فنقول: -وبالله تعالى التوفيق- إن الواجب ضم أوامر الله تعالى، وأوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم- كلها بعضها إلى بعض، والانقياد إلى جميعها، والأخذ بها، وأن لا يقال فِي شيء منها: هَذَا منسوخ إلا بيقين. برهان ذلك قول الله