للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله تعالى: هَذَا الْحَدِيث، وما فِي معناه يدلّ عَلَى جواز الانتباذ، وشربه حلوًا، وعلى أكثر قدر المدّة التي يُشرب إليها، وهي مقدّرة فِي هَذَا الْحَدِيث يعني رواية مسلم- بيومين وليلتين، غير أنه جعل غاية اليومين العصر، ثم سقاه الخادم، وفي الرواية الأخرى: "المساء، ثم أمر به فأُريق"، وظاهر هاتين الروايتين أنهما مرتان، أما الأولى، فإنه لم يظهر فيه ما يقتضي إراقته، وإتلافه، لكن اتقاه فِي خاصة نفسه أخذًا بغاية الورع، وسقاه الخادم؛ لأنه حلال جائز، كما قَالَ فِي أُجرة الحجام: "اعلفه ناضحك"، يعني رقيقك (١). وأما فِي المرة الأخرى، فتبيّن له فساده، فأمر بإراقته، ولا يُسبتعد أن يفسد النبيذ فيما بين العصر والمغرب فِي آخر مدّته فِي شدّة الحرّ. انتهى "المفهم" ٥/ ٢٧١ - ٢٧٢. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٥٧٤١ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْبَهْرَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: كَانَ يُنْقَعُ لَهُ الزَّبِيبُ، فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ، وَالْغَدَ، وَبَعْدَ الْغَدِ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "شريك": هو ابن عبد الله النخعيّ. و"أبو إسحاق": هو السبيعىّ.

وقوله: "يُنقع له" بالبناء للمفعول: أي يُنبذ له.

والحديث فيه شريك، وهو متكلّم فيه، وأبو إسحاق، وهو مدلس، لكن يشهد له ما قبله، فهو صحيح. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٥٧٤٢ - (أَخْبَرَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنِ ابْنِ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، يُنْبَذُ لَهُ نَبِيذُ الزَّبِيبِ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَجْعَلُهُ فِي سِقَاءٍ، فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ، وَالْغَدَ، وَبَعْدَ الْغَدِ، فَإِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ الثَّالِثَةِ سَقَاهُ، أَوْ شَرِبَهُ، فَإِنْ أَصْبَحَ مِنْهُ شَيْءٌ أَهْرَاقَهُ).

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "ابن فُضيل": هو محمد. وقوله: "سقاه": أي سقاه الخادم. وقوله: "أو شربه" أي شربه بنفسه، وَقَدْ تقدّم أن هَذَا يختلف باختلاف الأحوال، فإذا لم يشكّ فِي تغيره شربه، وإذا شك سقاه الخادم، ما لم يتيقن. وقوله: "وإن أصبح منه شيء أهراقه": أي إذا بات منه شيء الليلة الرابعة صبه؛ لأنه يكون


(١) هَذَا التفسير فيه نظر، بل الناضح هو الجمل، فليتأمل.