للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يرخص فيهما جميعا: الوضوء، والاغتسال.

قال أبو بكر: أعْلَى شيء روي في هذا الباب خبران، خبر يدل على إباحة أخذ الثوب ينشف به، والخبر الآخر يدل على ترك ذلك، ثم ذكر بسنده، عن قيس بن سعد قال: "أتانا النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعنا له غسلا، فاغتسل، أتيناه بملحفة وَرْسيَّة فالتحف بها، فكأني انظر إلى أثر الوَرْس على

عُكَنه" (١).

قال الحافظ في التلخيص: رواه أبو داود من حديث قيس مطولًا، وكذا النسائي في عمل اليوم والليلة، ورواه ابن ماجه، واختلف في وصله وإرساله، ورجال أبي داود رجال الصحيح، وصرح فيه الوليد بالسماع. ومع ذلك فذكره النووي في الخلاصة في فصل الضعيف. اهـ تلخيص. ثم ذكر الخبر الثاني، وهو حديث ميمونة رضي الله عنها، ثم قال: وهذا الخبر -يعني خبر ميمونة- لا يوجب حظر ذلك. ولا المنع منه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه، مع أنه قد كان يدع الشيء المباح لئلا يشق على أمته، من ذلك قوله لبني عبد المطلب: "لولا أن تغلبوا على سقايتكم لنزعت معكم"، ودخل الكعبة، وقال بعد دخوله: "لوددت أني لم أكن دخلتها، أخشى أن أكون أتعبت أمتي" وحديث قيس بن سعد يدل على إباحة ذلك، فأخذ النديل مباح، بعد الوضوء والاغتسال. اهـ كلام ابن المنذر في الأوسط ج ١ ص ٤١٥ - ٤١٩.

قال الجامع عفا الله عنه: الحاصل أن استعمال المنديل مباح، فقد دل حديث الباب على أنه - صلى الله عليه وسلم - نفض الماء، وأخرج ابن ماجه بسند حسن عن سلمان الفارسي رضي الله عنه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فقلب جبة صوف كانت عليه فمسح بها وجهه". وأما أحاديث النهي فلا يثبت منها شيء وقد بينها الحافظ في التلخيص ج ١ ص ٤٤٦ - ٤٤٩ بنسخة المجموع.

وقد مضى في الباب الماضي سائر ما يتعلق بالحديث، فارجع إليه تزدد علمًا. والله ولي التوفيق.


(١) العكن بضم العين وفتح الكاف جمع عكنة، وهي الأطواء في بطن المرأة من السمن، وتعكن الشيء: إذا تراكم بعضه على بعض. اهـ المجموع ج ١ ص ٤٦٠.