للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طريقة جمع الأسانيد في مكان واحد كصنيع الإمام مسلم بن الحجاج ليبرز ما فيها فكان في حقيقة الأمر جامعا بين طريقتي البخاري ومسلم، ومن هنا جاء تفضيل من فضل مسلما على البخاري لأن البخاري يفرق الحديث الواحد في أماكن متعددة، وفي غير مظانه بما يعسر الكشف عنه، ولا يبرز الفوائد والإسنادية، والعلل الحديثية، ومسلم بعكسه يسوق الحديث سردًا دون تبويب.

فالجانب الفقهي في سننه يتجلى من خلال النقاط التالية:

منها: أنه يكثر التفريعات والتفصيلات في الباب الواحد بحثا عن السنن حتى إن القارئ ليشعر أنه يتناول كتابا يخرج للفقهاء آراءهم، ويبين مستندهم، حتى في أدق الأشياء، فخذ مثلا كتاب السهو تجد أبوابه كالتالي: التكبير إذا قام من الركعتين، باب رفع اليدين في القيام إلى الركعتين الأخريين، باب رفع اليدين للقيام إلى الركعتين الأخريين حَذْوَ المنكبين، باب رفع اليدين وحمد الله، والثناء عليه في الصلاة، باب السلام بالأيدي في الصلاة، باب رد السلام بالإشارة في الصلاة، النهي عن مسح الحصى في الصلاة، باب الرخصة فيه مرة، النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة .. الخ.

وهكذا فإنك تعيش مع تفريعات الفقهاء، ودقائقهم، وهذا ما دعاه إلى تكرير الحديث عدة مرات أحيانا، وعلى سبيل المثال فقد كرر حديث النية ست عشرة مرة، حتى قيل: إنه أكثر الكتب تكرارًا للأحاديث.

قال الجامع عفا الله عنه: في هذا الكلام نظر لا يخفى، بل البخاري، أكثر تكرارا، والله أعلم.

ومنها: أنه ما أخلى كتابه من النقل عن الفقهاء، وإن كان ذلك قليلًا