للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن عمر كلًا منهما بجواب يليق به. ويقويه اختلاف النقلة في جواب ابن عمر، ففي رواية بلال عند مسلم "فأقبل عليه عبد الله، فسبه سبًّا سيئًا ما سمعته سبه مثله قط".

وفسر عبد الله بن هبيرة في رواية الطبراني السب المذكور باللعن ثلاث مرات، وفي رواية زائدة، عن الأعمش "فانتهره، وقال: أفٍّ لك". وله عن ابن نمير، عن الأعمش "فعل الله بك، وفعل"، ومثله للترمذي، من رواية عيسى بن يونس، ولمسلم من رواية أبي معاوية "فزبره"، ولأبي داود من رواية جرير "فسبه، وغضب".

فيحتمل أن يكون بلال البادئ، فلذلك أجابه بالسب المفسر للعن، وأن يكون واقد بدأه، فلذلك أجابه بالسب المفسر بالتأفيف مع الدفع في صدره.

وكأن السر في ذلك أن بلالًا عارض الخبر برأيه، ولم يذكر علة المخالفة، ووافقه واقد، لكن ذكرها بقوله: "يتخذنه دَغَلًا"، وهو بفتح المهملة، ثم المعجمة، وأصله الشجر الملتف، ثم استعمل في المخادعة، لكون المخادع يلف في ضميره أمرًا، ويظهر غيره.

وكأنه قال ذلك لما رأى من فساد بعض النساء في ذلك الوقت، وحملته على ذلك المغيرة، وإنما أنكر عليه ابن عمر لتصريحه بمخالفة الحديث، وإلا فلو قال -مثلًا-: إن الزمان قد تغير، وإن بعضهن ربما ظهر منها قصد المسجد وإضمار غيره، لكان يظهر أن لا ينكر عليه.