للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الحافظ رحمه الله: استدل بقوله: "مروا أبا بكر" إلخ على أن الآمر بالأمر بالشيء يكون آمرًا به، وهي مسألة معروفة في أصول الفقه، وأجاب المانعون بأن المعنى: بلغوا أبا بكر أني أمرته. وفصل النزاع أن النافي إن أراد أنه ليس أمرًا حقيقة، فمسلم؛ لأنه ليس فيه صيغة أمر للثاني، وإن أراد أنه لا يستلزمه، فمردود. والله أعلم. انتهى (١).

(فليصل بالناس) الفاء فيه للعطف على مقدر، أي فاذكروا له: قَوْلي: "فليصل" (قالت) عائشة رضي الله عنها (قلت: يا رسول الله إِن أبا بكر رجل أسيف) بفتح الهمزة، على وزن فَعيل، بمعنى فاعل، من الأسَف، وهو شدة الحزن، والمراد أنه رقيق القلب، سريع البكاء، ولا يستطيع لغلبة البكاء، وشدة الحزن. والأسَفُ عند العرب: شدة الحزن، والندم، يقال منه: أسف فلان على كذا، يَأسَف: إذا اشتد حزنه، وهو رجل أسيف، وأَسُوف، ومنه قول يعقوب عليه الصلاة والسلام: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} الآية [يوسف: ٨٤]. يعني واحُزناه، واجزعاه، تأسفًا، وتوجعًا لفقده. وقيل: الأسيف: الضعيف من الرجال في بطشه، وأما الأسف، فهو الغضبان المتلهف، قال تعالى: {فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} الآية [طه: ٨٦] (٢).

(وإِنه متى يقوم في مقامك لا يسمع الناس) هكذا برفع "يقوم"،


(١) فتح جـ ٢ ص ٣٧٣.
(٢) عمدة القاري جـ ٥ ص ١٨٩.