للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الباء. قال في "الفتح": واستشكل بعضهم دخول الباء، قال: لأنه متعد بنفسه، كقوله تعالى {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: ١٠٥]، وفيه نظر، لثبوت زيادة الباء في الأحاديث الصحيحة كحديث: "عليكم برخصة الله"، وحديث: "فعليه بالصوم، فإنه له وجاء"، وحديث: "فعليك بالمرأة"، قاله لأبي طلحة في قصة صفية وحديث: "عليك بعيبتك"، قالته عائشة لعمر، وحديث: "عليكم بقيام الليل"، وحديث: "عليك بخويصة نفسك". وغير ذلك.

ثم إن الذي علل به هذا المعترض غير موف بمقصوده، إذ لا يلزم من كونه يجوز أن يتعدى بنفسه امتناع تعديه بالباء، وإذا ثبت ذلك فيدل على أن فيه لغتين والله أعلم. انتهى (١) وقد اعترض العيني على كلامه الأخير بما فيه تعنت (٢).


(١) فتح جـ ٢ ص ٣٢٩.
(٢) قال: وقال بعضهم -يريد صاحب الفتح-: ثم إن الذي علل بقوله: لأنه متعد بنفسه غير موف بمقصوده، إذ لا يلزم من كونه يتعدى بنفسه امتناع تعديه بالباء. اهـ. قلت: هذا القائل لم يشم شيئًا من علم التصريف، ونفي الملازمة غير صحيح. اهـ.
قال الجامع عفا الله عنه: بل هذا القائل تضلع في علم التصريف وحققه، فلذا ذكر هذه القاعدة المهمة، ولا يخفى حسن كلامه على من سلك مسلك الإنصاف، ولم يحجبه التعصب والاعتساف، فإن من المعلوم عند أهل اللغة والتصريف أن بعض الكلمات تَتَعَدَّى بنفسها، وبعضها تتعدى بنفسها مرة، وتتعدى بحرف الجر مرة أخرى. مثل نصحه، ونصح له، وشكره، وشكر له، ومن طالع كتب اللغة لا يخفى عليه كثرة الأمثلة لذلك، وهذا المثال من قبيل الثاني، فقد سمع من العرب: عليك نفسك، وسمع: عليك بنفسك، لكن التعصب يغطي وجه الصواب، قاتل الله التعصب. نسأل الله السلامة والعافية.