للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في تعداد معاني "لمّا": (الثاني): من أوجه "لما" أن تختص بالماضي، فتقتضي جملتين، وجدت ثانيتهما عند وجود أولاهما، نحو "لما جاءني أكرمته" ويقال فيها: حرف وجود لوجود، وبعضهم يقول: حرف وجوب لوجوب، وزعم ابن السّرّاج، وتبعه الفارسي، وتبعهما ابن جني، وتبعهم جماعة أنها ظرف بمعنى "حين"، وقال ابن مالك: بمعنى "إذْ"، وهو حسن؛ لأنها مختصة بالماضي، وبالإضافة إلى الجملة. انتهى (١).

فـ "لما" في قول المصنف -رحمه الله-: "حتى لما استقر كل شيء منه" الخ تحتمل المعاني المذكورة، وكونها بمعنى "إذ" أوضح، أي استمر راكعا إلى أن رفع رأسه وقت استقرار كل شيء منه. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٩٦ - (بَابُ الاعْتِدَالِ فِي الرُّكُوعِ)

أي هذا باب ذكر الحديث الدّالّ على مشروعية الاعتدال في حال الركوع.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الاعتدال": مصدر "اعتدل": إذا استوى، يقال: عدّلته تعديلا، فاعتدل، أي سؤيته، فاستوى. قاله في "المصباح". والمراد به هنا استواء الظهر والرأس، كما يأتي تفسيره في الحديث.

وقد تقدم للمصنف ذكر هذه الترجمة قبل ستة أبواب، وأرد هناك حديث أنس - رضي الله عنه -: "اعتدلوا في الركوع والسجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه كالكلب". ولعله أراد هنا بالاعتدال عدم رفع رأسه، وخفضه، بل يسويه بظهره، كما هو المستفاد من الحديث المذكور هنا، وأراد هناك مجافاة الإبطين عن الجنبين، ورفعَ الذراعين عن الفخذين، كما هو المستفاد من الحديث المذكور هناك. والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

١٠٣٩ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَكَعَ اعْتَدَلَ، فَلَمْ يَنْصِبْ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُقْنِعْهُ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ).


(١) "مغني اللبيب" جـ ١ ص ٢٨٠.