للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في "الخلاصة":

وَجملَةٌ أَوْ شِبْهُهَا الَّذِي وُصِلْ … بِهِ كَمَنْ عِنْدِي الَّذِي ابْنُةُ كُفِلْ

أي والوقت الذي ثبت بين السجدتين. والمراد بـ"ما بين السجدتين" الجلوس بينهما (قريبا من السواء) منصوب على الخبرية لـ"كان". أي قريبا من الاستواء.

والمراد أن مقدار ركوعه، وسجوده، واعتداله، وجلوسه متقارب. وفيه جواز تطويل الاعتدال، والجلوس بين السجدتين، وأن القول بأن الاعتدال ركن قصير ضعيف، بل باطل.

وقال النووي -رحمه الله-: فيه دليل على تخفيف القراءة والتشهد، وإطالة الطمأنينة في الركوع والسجود، وفي الاعتدال عن الركوع، وعن السجود، ونحو هذا قول أنس -رحمه الله-: "ما صليت خلف أحد أوجز صلاةً من صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تمام".

وقوله: "قريبا من السواء" يدل على أن بعضها كان فيه طول يسير على بعض، وذلك في القيام، ولعله أيضا في التشهد.

[واعلم]: أن هذا الحديث محمول على بعض الأحوال، وإلا فقد ثبتت الأحاديث بتطويل القيام، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الصبح بالستين إلى المائة، وفي الظهر بـ"الم تنزيل السجدة"، وأنه كان تقام الصلاة، فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، ثم يرجع، فيتوضأ، ثم يأتي المسجد، فيدرك الركعة الأولى، وأنه قرأ "سورة المؤمنين" حتى بلغ ذكر موسى وهارون، وأنه قرأ في المغرب بـ"الطور"، وبـ "المرسلات"، وبـ"الأعراف"، وأشباه ذلك، وهذا كله يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كانت له في إطالة القيام أحوال بحسب الأوقات، وهذا الحديث الذي نحن فيه جرى في بعض الأوقات. انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى (١).

وقال بعضهم: المراد بقوله: "قريبا من السواء" ليس أنه كان يركع بقدر قيامه، وكذا السجود، والاعتدال، بل المراد أن صلاته كانت قريبا معتدلة، فكان إذا أطال القراءة أطال بقية الأركان، وإذا أخفها أخفّ بقية الأركان، فقد ثبت أنه قرأ في الصبح بـ"الصافات"، وثبت في "السنن" عن أنس - رضي الله عنه - أنهم حَزَرُوا في السجود قدر عشر تسبيحات، فحمل على أنه إذا قرأ بدون الصافات اقتصر على دون العشر، وأقله كما ورد في السنن أيضًا ثلاث تسبيحات (٢). قاله في "الفتح" (٣).


(١) "شرح مسلم" جـ ٤ ص ١٨٨.
(٢) قلت: حديث تقييد التسبيح بالثلاث تقدم أنه ضعيف.
(٣) جـ ٢ ص ٥٤٧.