للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإذا عرف حاله لم يُحتَجَّ بقوله، ويَرجِعُ قوله من زَعَم أنه لا يستعمل في الشرّ إلى النفي، وكأنه قال: لم يُسمَع، فلا يقال، والإثبات أولى، ولله دَرُّ من قال: [من الوافر]

وَإِنَّ الْحَقَّ سُلْطَانٌ مُطَاعُ … وَمَا لِخِلَافِهِ أَبَدًا سَبِيلُ

وقال بعض المتأخرين: إنما استُعمِلَ في الشرّ في الحديث للازدواج، وهذا كلام من لا يعرف اصطلاح أهل العلم بهذه اللفظة. انتهى كلام الفيومي رحمه تعالى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبين بما حرره الفيومي رحمه الله تعالى أن الثناء يستعمل للمدح، والذم، وإنما يميز بالقرينة، مثل ما هنا، فإن المقام مقام مدح، فمن فسره بـ"أنه الوصف الجميل"، كالنووي -رحمه الله- يحمل على أنه فسره بما يقتضيه المقام. والله سبحانه وتعالى أعلم.

(والمجد) بالجر عطف على "الثناء"، وهو بفتح الميم، وسكون الجيم: العظمة، ونهاية الشرف.

قال النووي رحمه الله تعالى: هذا هو المشهور في الرواية في مسلم وغيره، قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: ووقع في رواية ابن ماهان: "أهل الثناء والحمد". وله وجه، ولكن الصحيح المشهور الأول. انتهى (٢).

(خير ما قال العبد) هكذا في أكثر نسخ "المجتبى" "خير"، ووقع في بعضها "حق ما قال العبد"، وهو الذي في "الكبرى"، والذي في صحيح مسلم، وغيره: "أحق ما قال العبد" بالهمزة. وهو مبتدأ خبره جملة قوله: "لا مانع لما أعطيت" الخ، وجملة "وكلنا لك عبد" معترضة بين المبتدإ والخبر، أو"خير" خبر لمحذوف، تقديره هذا -يعني ما سبق من الذكر- خير ما قال العبد. والمراد بـ"العبد" جنس العباد. و"ما" موصول، أو موصوف مضاف إليه، وجملة "قال العبد" صلة، والعائد محذوف، أي الذي قاله، أو صفة، أو"ما" مصدرية، أي خيرُ قولِ العبد.

وقال النووي -رحمه الله- تعالى: هكذا في مسلم وغيره "أحق" بالألف، "وكلنا" بالواو، وأما ما وقع في كتب الفقه: "حق ما قال العبد: كلنا" بحذف الألف، والواو فغير معروف من حيث الرواية، وإن كان صحيحا.

قال الجامع عفا الله عنه: قد عرفت أن "حق" رواية المصنف في "الكبرى"، ونسخة من "المجتبى"، فصح روايةً، كما صححه النووي درايةً. والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) "المصباح المنير" ص ٨٥ - ٨٦.
(٢) "شرح مسلم" جـ ٤ ص ١٩٤.