للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بال القنوت اختص بالفجر؟!

فإن قلتم: قنوت المغرب منسوخ، قال لكم منازعوكم من أهل الكوفة: وكذلك قنوت الفجر سواء، ولا تأتون بحجة على نسخ قنوت المغرب إلا كان دليلًا على نسخ قنوت الفجر سواء، ولا يُمكنُكم أبدا أن تقيموا دليلًا على نسخ قنوت المغرب، وإحكام قنوت الفجر.

فإن قلتم: قنوت المغرب كان قنوتا للنوازل، لا قنوتا راتبا، قال منازعوكم من أهل الحديث: نعم كذلك هو، وكذلك قنوت الفجر سواء، وما الفرق؟ قالوا: ويدل على أتى قنوت الفجر كان قنوت نازلة، لا قنوتا راتبا أن أنسا نفسه أخبر بذلك، وعمدتكم في القنوت الراتب إنما هو أنس، وأنس أخبر أنه كان قنوت نازلة، ثم تركه، ففي "الصحيحين" عن أنس - رضي الله عنه - قال: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرا يدعو على حي من أحياء العرب، ثم تركه.

(الثاني): أن شبابة روى عن قيس بن الربيع، عن عاصم بن سليمان، قال: قلنا لأنس بن مالك؛ إن قوما يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يقنت بالفجر، قال: كذبوا، وإنما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرا واحدا يدعو على حىّ من أحياء العرب، وقيس بن الربيع، وإن كان يحيى بن معين ضعفه، فقد وثقه غيره، وليس بدون أبى جعفر الرازي، فكيف يكون أبو جعفر حجة في قوله: لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا، وقيس ليس بحجة في هذا الحديث، وهو أوثق منه، أو مثله، والذين ضعفوا أبا جعفر أكثر من الذين ضعفوا قيسا، فإنما يعرف تضعيف قيس عن يحيي، وذكر سبب تضعيفه، فقال أحمد بن سعيد ابن أبي مريم: سألت يحيى عن قيس بن الربيع؟ فقال: ضعيف لا يكتب حديثه، كان يحدث بالحديث عن عبيدة، وهو عنده عن منصور، ومثل هذا لا يوجب رد حديث، الراوي؛ لأن غاية ذلك أن يكون غلط ووهم في ذكر عبيدة بدل منصور، ومَن الذي يسلم من هذا من المحدثين؟

(الثالث): أن أنسا أخبر أنهم لم يكونوا يقنتون، وأن بدء القنوت هو قنوت النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو على رعل وذكوان، ففي "الصحيحين" من حديث عبد العزيز بن صهيب، عن أنس قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعين رجلًا لحاجة يقال لهم: القراء. . . فذكر الحديث، وفيه: "فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم شهرا في صلاة الغداة، فذلك بدء القنوت، وما كنا نقنت".

فهذا يدلّ على أنه لم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - القنوت دائما، وقول أنس: فذلك بدء القنوت، مع قوله: قنت شهرا، ثم تركه دليل على أنه أراد بما أثبته من القنوت قنوت