للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكرناهم، ثم ضعفها كلها، وبين ضعفها، وقال: حديث ابن عباس وابن عمر صحيح، ثم روى عن أبي عبيد أنه حكى عن شيخه أبي عبيدة أنه قال: الإقعاء أن يلصق ألْيَتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه بالأرض. قال: وقال في موضع آخر: الإقعاء جلوس الإنسان على أَلْيَتيه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب والسبع. قال البيهقي: وهذا النوع من الإقعاء غير ما رويناه عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم -، فهذا منهي عنه، وما رويناه عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم - مسنون. قال: وأما حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان ينهى عن عقب الشيطان"، فيحتمل أن يكون واردا في الجلوس للتشهد الأخير، فلا يكون منافيا لما رواه ابن عباس وابن عمر في الجلوس بين السجدتين.

هذا آخر كلام البيهقي رحمه الله تعالى، ولقد أحسن، وأجاد، وأتقن، وأفاد، وأوضح إيضاحا شافيًا، وحرَّر تحريرا وافيا -رحمه الله-، وأجزل مثوبته. وقد تابعه على هذا الإمامُ المحققُ أبو عمر وابن الصلاح، فقال: بعد أن ذكر حديث النهي عن الإقعاء: هذا الإقعاء محمول على أن يضع أَلْيَتيه على الأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض، وهذا الإقعاء غير ما صح عن ابن عباس وابن عمر أنه سنة، فذلك الإقعاء أن يضع أليتيه على عقبيه قاعدا عليها، وعلى أطرأف أصابع رجليه، وقد أستحبه الشافعي في الجلوس بين السجدتين في "الإملاء"، و"البويطي". قال: وقد خبط في الإقعاء من المصنفين من لا يعلم أنه نوعان كما ذكرنا، قال: وفيه في "المهذب" تخليط. هذا آخر كلام أبي عمرو -رحمه الله-.

وهذا الذي حكاه عن "البويطي" و"الإملاء" من نص الشافعي قد حكاه عنهما البيهقي في كتابه "معرفة السنن والآثار".

وأما كلام الخطابي فلم يحصل له ما حصل للبيهقي، وخالف في هذا الحديث عادته في حل المشكلات، والجمع بين الأحاديث المختلفة، بل ذكر حديث ابن عباس، ثم قال: وأكثر الأحاديث على النهي عن الإقعاء، وأنه عقب الشيطان.

وقد ثبت من حديث أبي حميد، ووائل بن حجر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قعد بين السجدتين مفترشا قدمه اليسرى، قال: ورويت كراهة الإقعاء عن جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم -، وكرهه النخعي، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأهل الرأي، وعامة أهل العلم، قال: والإقعاء أن يضع أليتيه على عقبيه، ويقعد مستوفزا غير مطمئن إلى الأرض. وهذا إقعاء الكلب والسباع.

قال أحمد بن حنبل: وأهل مكة يستعملون الإقعاء.

قال الخطابي: ويشبه أن يكون حديث ابن عباس منسوخا، والعمل على الأحاديث