للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومنها: أنه استدلّ به على أن سجود السهو قبل السلام، قال في "الفتح": ولا حجة فيه في كون جميعه كذلك، نعم يَرُدُّ على من زعم أن جميعه بعد السلام، كالحنفية، وسيأتي ذكر مستندهم في محله، إن شاء الله تعالى.

ومنها: أنه استدلّ بقوله: "مكان ما نسي من الجلوس" على أن السجود خاص بالسهو، فلو تعمد ترك شيء مما يجبر بسجود السهو لا يسجد، وهو قول الجمهور، ورجحه الغزالي، وناس من الشافعية.

ومنها: أنه استدل به على أن المأموم يسجد مع الإمام إذا سها الإمام، وإن لم يَسْهُ المأموم، ونقل ابن حزم فيه الإجماع، لكن استثنَى غيره ما إذا ظن الإمام أنه سها، فسجد، وتحقق المأموم أن الإمام لم يسه فيما سجد له، وفي تصويرها عسر، وما إذا تبين أن الإمام محدث، ونقل أبو الطيب الطبري أن ابن سيرين استثنى المأموم أيضا. قاله في "الفتح".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه الاستثناآت محل نظر، لمن تأمل. والله أعلم.

ومنها: أن سجود السهو لا تشهد بعده إذا كان قبل السلام.

ومنها: أن من سها عن التشهد الأول حتى قام إلى الثالثة، ثم ذكر لا يرجع، فقد سبحوا به - صلى الله عليه وسلم -، فلم يرجع، فلو تعمد المصلي الرجوع بعد تلبسه بالركن بطلت صلاته عند الشافعي، خلافا للجمهور.

ومنها: أن السهو والنسيان جائزان على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيما طريقه التشريع.

ومنها: أن محلّ سجود السهو آخر الصلاة، فلو سجد للسهو قبل أن يتشهد ساهيا أعاد عند من يوجب التشهد الأخير، وهم الجمهور (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الخامسة: في اختلاف أهل العلم في حكم التشهد الأول:

قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى: "باب من لم ير التشهد الأول واجبا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين، ولم يرجع". انتهى.

قال الزين ابن المُنَيِّرِ -رحمه الله-: ذكر في هذه الترجمة الحكم ودليله، ولم يَبُتَّ الحكم مع ذلك، كأن يقول باب لا يجب التشهد الأول، وسببه ما يطرق الدليل المذكور من الاحتمال. انتهى.

وقال الحافظ رحمه الله تعالى: ووجه الدلالة من حديث الباب أنه لو كان واجبا لرجع إليه لمّا سبحوا به بعد أن قام.

وقال ابن بطال -رحمه الله-: والدليل على أن سجود السهو لا ينوب عن الواجب أنه لو


(١) راجع "الفتح" ج ٣ ص ٤٢٣.