للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الركوع، فليس له حظ من العلم، هذا مشهور لا خلاف فيه أنه إنما كان في حال التشهد. كذا في "التلخيص الحبير".

وقال الزيلعي في "نصب الراية" بعد ذكر حديث جابر بن سمره المختصر المذكور: ما ملخصه: واعترضه البخاري في كتابه الذي وضعه في "رفع اليدين"، فقال: وأما احتجاج بعض من لا يعلم بحديث تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة، فذكر حديثه المختصر، وقال: وهذا إنما كان في التشهد لا في القيام، ففسره رواية عبيد الله بن القبطية، قال: سمعت جابر بن سمرة يقول: كنا إذا صلينا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكر حديثه الطويل المذكور، ثم قال البخاري، ولو كان كما ذهبوا إليه لكان الرفع في تكبيرات العيد أيضا منهيا عنه؛ لأنه لم يستثن رفعا دون رفع، بل أطلق. انتهى.

قال الزيلعي: ولقائل أن يقول: إنهما حديثان لا يفسر أحدهما بالآخر، كما في لفظ الحديث الأول: "اسكنوا في الصلاة"، والذي يرفع يديه حال التسليم لا يقال له: اسكن في الصلاة، إنما يقال ذلك لمن يرفع يديه في أثناء الصلاة، وهو حالة الركوع والسجود، ونحو ذلك، هذا هو الظاهر، والراوي روى هذا في وقت كما شاهده، وروى الآخر في وقت آخر كما شاهده، وليس في ذلك بُعد انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فيما قاله الزيلعي نظر، وعلى تقدير تسليمه نقول: إن النهي لا يتناول الرفع المشروع عند الركوع ونحوه، وإنما هو في الرفع الذي ليس مشروعا، بدليل أن الحنفية أنفسهم يستثنون من هذا النهي الرفع في تكبيرات العيدين بدعوى أنها ثبتت بالنص، فما أجابوا به هناك فهو جوابنا هنا من غير فرق.

والحاصل أن الرفع عند الركوع وعند الرفع منه ونحو ذلك ثبت بالنصوص الصحيحة الصريحة التي لا مطعن فيها، فيقدم خصوصها على عموم حديث جابر بن سمرة - رضي الله عنهما -.

ولذا قال السندي -رحمه الله- عند قوله: "فنسلم بأيدينا الخ": ما نصه: وبهذه الرواية تبين أن الحديث مسوق للنهي عن رفع الأيدي عند السلام إشارةً إلى الجانبين، ولا دلالة فيه على النهي عن الرفع عند الركوع، وعند الرفع منه، ولذلك قال النووي: الاستدلال به على النهي عن الرفع عند الركوع، وعند الرفع منه جهل قبيح. وقد يقال: العبرة بعموم اللفظ، ولفظ "ما بالهم رافعين أيديهم في الصلاة" إلى قوله: "اسكنوا في الصلاة" تمام، فصح بناء الاستدلال عليه، وخصوص المورد لا عبرة به، إلا أن يقال: ذلك إذا لم يعارضه عن العموم عارض، وإلا يحمل على خصوص المورد، وها هنا قد صح وثبت الرفع عند الركوع، وعند الرفع منه ثبوتا لا مردّ له، فيجب حمل هذا اللفظ على