للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أرجح لموافقة ابن عمر له على سياقه، كما أخرجه الشافعي، وأبو داود، وابن ماجه، وأبن خزيمة، ولموافقة ذي اليدين نفسه له على سياقه، كما أخرجه أبو بكر الأثرم، وعبد الله بن أحمد في زيادات "المسند", وأبو بكر بن أبي خيثمة، وغيرهم.

وقد ورد ما يدلّ على أن محمد بن سيرين راوي الحديث عن أبي هريرة كان يرى التوحيد بينهما، وذلك أنه قال في آخر حديث أبي هريرة: "نُبِّئت أن عمران بن حُصَين قال: ثم سلّم". انتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى ببعض تصرف (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي رجحه الحافظ رحمه الله تعالى من دعوى الاتحاد بين حديث أبي هريرة، وحديث عمران بن حُصين - رضي الله عنهم - فيه نظر، والذي ذكره في وجه الجمع ظاهر التكلف، فالذي يظهر أن ما رجحه ابن خزيمة، ومن تبعه هو الصواب، إذ لا تكلف فيه. فتأمل. وسيأتي تمام الكلام عند ذكر كلام الحافظ العلائي رحمه الله تعالى في المسائل. إن شاء الله تعالى.

(قال) أبو هريرة رضي الله تعالى عنه (كان يسمّى ذا اليدين) فيه دليل على أنه يجوز دعاء الإنسان بغير اسمه، ولا سيما إذا كان ليس من الألقاب المكروهة، وربما كان يُدعى بذلك من باب الفكاهة والمزاح، كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم - لرجل: "يا ذا الأذنين" قاله الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى.

(فقال: يا رسول الله أنسيت، أم قصرت الصلاة؟) استفهام عن سبب تسليمه على رأس الركعتين.

(قال) - صلى الله عليه وسلم - (لم أنس، ولم تقصر الصلاة) قال في "الفتح" (٢): كذا في أكثر الطرق، وهو صريح في نفي النسيان، ونفي القصر، وفيه تفسير للمراد بقوله في رواية أبي سفيان، عن أبي هريرة: "كل ذلك لم يكن"، وتأييد لما قاله أصحاب المعاني: إن لفظة "كلّ" إذا تقدمت، وعقبها النفي كان نفيًا لكلّ فرد، لا للمجموع، بخلاف ما إذا تأخرت، كأن يقول: لم يكن كلّ ذلك، ولهذا أجاب ذو اليدين في رواية أبي سفيان بقوله: "قد كان بعض ذلك"، وأجابه في رواية بقوله: "بلى قد نسيتَ"، لأنه لمّا نفى الأمرين، وكان مقرّرًا عند الصحابة أن السهو غير جائز عليه في الأمور البلاغية جزم بوقوع النسيان، لا القصر.

وهو حجة لمن قال: إن السهو جائز على الأنبياء فيما طريقه التشريع، وإن كان عياض نقل الإجماع على عدم جواز دخول السهو في الأقوال التبليغية، وخص الخلاف


(١) "فتح" جـ ٣ ص ٤٣٢.
(٢) راجع "الفتح" جـ ٣ ص ٤٣٢ - ٤٣٣.