للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجال الجماعة، سوى شيخه، فما أخرج له ابن ماجه، وفيه رواية تابعي عن تابعي، وفيه أحد العبادلة الأربعة، وأحد المكثرين السبعة، وهو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما. والله تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان) تقدم غير مرة أن "كان" تفيد الاستمرار (إذا جلس في الصلاة) أي لقراءة التشهد (وضع يديه على ركبتيه) أي وضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، ويده اليسرى على ركبته اليسرى، لكن وضع كلّ منهما مختلف، كما بينه بقوله (ورفع إِصبعه) أي من يده اليمنى (التي تلي الإبهام) هي السّبابة التي تقدم ذكرها قريباً، وتسمّى المُسبّحة (فدعا بها) فيه أن رفعها إشارة إلى طلب المصلي من الله تعالى أن يعطيه ما يستجيب له دعاءه.

فإن قيل: إن التشهد ذكر، لا دعاء، فكيف قال: "يدعو بها".

أجيب: بأن التشهد ذكر ودعاء، فإن قوله: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله، وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين"، وإن كان خيراً، لكنه بمعنى الإنشاء، فهو دعاء، وأيضاً الذكر دعاء، إذ الثناء على الكريم تعرّض لعطائه، كما قال الشاعر [من الوافر]:

أَأَذْكرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كفَانِي … ثَنَائِي إِنَّ شِيمَتَكَ الْحَيَاءُ

إِذَا أَثَنَي عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْماً ..... كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ

(ويده اليسرى) بالنصب على المفعولية لـ"وضع" مقدراً، دلّ عليه السياق، أي وضع يده اليسرى، ويحتمل الرفع على الابتداء، خبره قوله (على ركبته) المراد الركبة اليسرى. وفيه أن السنة وضع اليسرى على الركبة.

قال النووي رحمه الله تعالى: وقد أجمع العلماء على استحباب وضعها -يعني اليسرى- عند الركبة، أو على الركبة، وبعضهم يقول بعطف أصابعها على الركبة، وهو معنى قوله: "ويُلقم كفه اليسرى رُكْبَتَه" (١).

والحكمة في وضعها عند الركبة منعُها من العبث. انتهى (٢)

(باسطها عليها) يحتمل أن يكون بالنصب على الحال، لأن إضافته لفظيّة، فلا يتعرف


(١) أي في حديث عبد الله بن الزبير عند مسلم، وسيأتي التنبيه عليه في الرواية التالية -إن شاء الله تعالى.
(٢) "شرح مسلم" جـ ٥ ص ٨١.