للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قيل: فَعَلَ آل فلان كذا دخل هو فيهم إلا بقرينة، ومن شواهده قوله -صلى الله عليه وسلم- للحسن بن عليّ -رضي الله عنهما-: "إنّا آل محمد، لا تَحلّ لنا الصدقة"، وإن ذكرا معاً فلا، وهو كالفقير والمسكين، وكالإيمان والإسلام، والفسوق والعصيان.

ولمّا اختلَفَتْ ألفاظ الحديث في الإتيان بهما معاً، وفي إفراد أحدهما كان أَوْلَى المحامل أن يُحمَل على أنه -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك كلّه، ويكون بعض الرّواة حفظ ما لم يحفظه الآخر، وأمّا التعدد فبعيد، لأن غالب الطرق تُصرّح بأنه وقع جوابّا عن قولهم: "كيف نصلّي عليك؟ ".

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن الحمل على التعدد أقرب، لأن السائلين كثيرون، فحمل سؤالهم على محل واحد بعيد جدّاً، فتأمل.

فالأولى أن نقول إنه -صلى الله عليه وسلم- علّمهم في أوقات مختلفة بألفاظ مختلفة، في بعضها طول، وفي بعضها اختصار، توسعةً عليهم، فتكون كألفاظ التشهد المختلف تعليمه -صلى الله عليه وسلم- للصحابة رضي الله تعالى عنهم إيّاها، وكصيغ الاستفتاح، وأذكار الركوع، والسجود، والدعوات.

والحاصل أن في الأمر سعةٌ، فيختار مريد الصلاة أيّ صيغة صحت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيصلي بها، والأولى أن يصلي في وقت بصيغة، وفي آخر بأخرى، وهكذا حتى يستعمل الصيغ التي صحت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. والله تعالى أعلم.

قال في "الفتح": ويحتمل أن يكون بعض من اقتصر على آل إبراهيم بدون ذكر إبراهيم رواه بالمعنى، بناءً على دخول إبراهيم في قوله: "آل إبراهيم"، كما تقدّم انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الاحتمال بعيد جدّاً، فإن الرواية بالمعنى في الألفاظ التعبدية غير جائز، كما هو مقرر في محله من "مصطلح الحديث"، انظر "التدريب" للحافظ السيوطي رحمه في "النوع السادس والعشرين" جـ ٢ ص ١٠٢، ولفظه في بحث الخلاف في الرواية بالمعنى: "ولا شك في اشتراط أن لا يكون مما تُعُبِّدَ بلفظه" انتهى. والله تعالى أعلم.

وسيأتي بيان اختلاف أهل العلم في المراد بالآل هنا في المسائل إن شاء الله تعالى.

(كما صلّيت على آل إبراهيم) صفة لمصدر محذوف، تقديره: صلاةً مثلَ صلاتك على آل إبراهيم، وسيأتي الكلام على وجه تشبيه الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة على آل إبراهيم، في المسائل أيضاً، إن شاء الله تعالى.

وآلُ إبراهيم: هم ذرّيّته من إسماعيل، وإسحاق، كما جزم به جماعة من الشُّرّاح، وإن ثبت أن إبراهيم كان له أولاد من غير سارة وهاجر فهم داخلون لا محالة، ثمّ إن المراد