للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عوده من جهة الأب رجع من الأمّ إليه. انتهى مختصراً من كلام الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الرابعة:

استدل الإمام البخاري رحمه الله تعالى بحديث الباب على جواز الصلاة على غير الأنبياء، فقال في "صحيحه":

"باب هل يُصَلّى على غير النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: ١٠٣].

ثم أسند عن ابن أبي أوفى -رضي الله عنه-، قال: كان إذا أتى رجلٌ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بصدقته, قال: "اللَّهم صل عليه"، فأتاه أبي بصدقته، فقال: "اللَّهم صلّ على آل أبي أوفى".

ثم ذكر حديث أبي حميد -رضي الله عنه- المذكور في الباب.

قال في "الفتح": قوله: "بابٌ هل يُصَلّى على غير النبى -صلى الله عليه وسلم-". أي استقلالاً، أو تبعاً، ويدخل في الغير الأنبياءُ والملائكة والمؤمنون.

فأما مسألة الأنبياء، فورد فيها أحاديث:

(فمنها): حديث علي -رضي الله عنه- في الدعاء بحفظ القرآن، ففيه: "وصلّ عليّ، وعلى سائر النبيين". أخرجه الترمذي، والحاكم.

وحديث بُرَيدة -رضي الله عنه- رفعه: "لا تتركن في التشهد الصلاة عليّ وعلى أنبياء الله" الحديث، أخرجه البيهقي بسند واه.

وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه: "صلّوا على أنبياء الله" الحديث، أخرجه إسماعيل القاضي بسند ضعيف.

وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- رفعه: "إذا صلّيتم علي، فصلُّوا على أنبياء الله، فإن الله بعثهم كما بعثني". أخرجه الطبراني، وسنده ضعيف أيضًا.

وقد ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- اختصاص ذلك بالنبي -صلى الله عليه وسلم-. أخرجه ابن أبي شيبة من طريق عثمان بن حكيم، عن عكرمة، عنه، قال: "ما أعلمُ الصلاةَ تنبغي على أحد من أحد إلا على النبي -صلى الله عليه وسلم-"، وهذا سند صحيح.

وحُكي القول به عن مالك، وقال: ما تُعُبِّدْنا به. وجاء نحوه عن عمر بن عبد العزيز، وعن مالك يكره.

وقال عياض: عامة أهل العلم على الجواز. وقال سفيان: يكره أن يصلى إلا على


(١) "جلاء الأفهام" ص ٢٠٢ - ٢٠٨.