للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصحيح، غير شيخه، وشيخ شيخه. ومنها: أن فيه رواية تابعي، عن تابعي. ومنها: أن صحابيه من العشرة المبشرين بالجنة، وآخر من مات منهم. وأول من رمى بسهم في سبيل الله. والله تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عن سعد) بن أبي وقّاص رضي الله تعالى عنه (أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يُسلّم) وفي الرواية التالية "كنت أرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُسلّم". و"أرى" بفتح الهمزة، أى أُبصر (عن يمينه) قال الطيبي: أي مُجاوزاً نظره عن يمينه، كما يُسلّم أحد على من في يمينه (وعن يساره) فيه مشروعية أن يكون التسليم إلى جهة اليمين، ثمّ إلى جهة اليسار.

وفي الرواية التالية زيادة: "حتى يُرَى بياض خده". قال الأبهريّ: أي وجنته الخالية عن الشعر، وكان مشرباً بالحمرة انتهى.

والمعنى حتى أرى بياض خده الأيمن في الأولى، والأيسر في الثانية، وفيه دليل على المبالغة في الالتفات إلى جهة اليمين، وإلى جهة اليسار.

قال النووي رحمه الله تعالى: فيه دلالة لمذهب الشافعي، والجمهور من السلف والخلف أنه يسنّ تسليمتان، وقال مالك، وطائفة: إنما تسنّ تسليمة واحدة، وتعلّقوا بأحاديث ضعيفة، لا تقاوم هذه الأحاديث الصحيحة، ولو ثبت شيء منها حمل على أنه فعل ذلك لبيان جواز الاقتصار على تسليمة واحدة.

وأجمع العلماء الذين يعتدّ بهم على أنه لا يجب إلا تسليمة واحدة، فإن سلّم واحدة استحبّ له أن يسلّمها تلقاء وجهه، وإن سلّم تسليمتين جَعَل الأولى عن يمينه، والثانية عن يساره، ويلتفت في كلّ تسليمة حتى يرى من عن جانبه خدّه، هذا هو الصحيح، وقال بعض أصحابنا: حتى يرى خديه مَن عن جانبه. ولو سلّم التسليمتين عن يمينه، أو عن يساره، أو تلقاء وجهه، أو الأولى عن يساره، والثانية عن يمينه صحّت صلاته، وحصلت التسليمتان، ولكن فاتته الفضيلة في كيفيتهما انتهى (١).

وسيأتي تحقيق الخلاف بين العلماء في حكم التسليمتين، وأدلتهم في المسألة الثالثة، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:


(١) "شرح مسلم" جـ ٥ ص ٨٣.