للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سلامه، إذا لم يكن خلفه نساء، فأما المأموم فلا يكره له الجلوس بعد الصلاة في مكانه يذكر الله، خصوصاً بعد الصبح والعصر، ولا نعلم في ذلك خلافاً.

وقد صحّ الحديث في أن الملائكة تصلي على العبد ما دام في مصلاه ما لم يحدث.

ووردت أحاديث في الجلوس بعد الصبح والعصر، وكان السلف الصالح يحافظون عليه.

ومتى أطال الإمام الجلوسَ في مصلّاه، فإن للمأموم أن ينصرف، ويتركه، وسواء كان جلوسه مكروهاً، أو غير مكروه.

قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: إذا فرغ الإمام، ولم يقم، ولم ينحرف، وكانت لك حاجة فاذهب، ودعه، فقد تمت صلاتك. أخرجه عبد الرزّاق.

وذكر بإسناده عن عطاء قال: كلامه بمنزلة قيامه، فإن تكلّم فليقم المأموم إن شاء.

وإن لم يُطل الإمام الجلوس فالسنّة أن لا يقوم المأموم حتى يقوم الإمام، كذا قال الزهريّ، والحسن، وقتادة, وغيرهم.

وقال الزهريّ: إنما جُعل الإمام ليؤتم به -يشير إلى أن مشروعية الاقتداء لا تنقطع إلا بانصرافه.

وفي "صحيح مسلم"، عن أنس -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيها الناس إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالانصراف".

وحديث أم سلمة -رضي الله عنها- المخرّج في هذا الباب يدلّ عليه، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجلس يسيراً حتى ينصرف النساء، فلا يختلط بهن الرجال، وهذا يدلّ على أن الرجال كانوا يجلسون معه، فلا ينصرفون إلا مع انصرافه.

وفي هذا الحديث دليل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يدعو بعد فراغ صلاته دعاء عاماً للمأمومين، فإنه لو كان كذلك لاشترك في حضوره الرجال والنساء، كما أَمَرَ بشهود النساء العيدين حتى الحيّض، وقال: "يشهدن الخير ودعوة المسلمين". فلو كان عقب الصلاة دعاء عام لشهده النساء مع الرجال أيضاً.

وقال الشافعي في "الأمّ": فإن قام الإمام قبل ذلك، أو جلس أطول من ذلك، فلا شيء عليه. قال: وللمأموم أن ينصرف إذا قضى الإمام السلام قبل قيام الإمام، وتأخيره حتى ينصرف بعد انصراف الإمام، أو معه أحبّ إليّ.

وظاهر كلام كثير من السلف كراهة ذلك، كما تقدّم.

وفي "تهذيب المدوّنة" للمالكية: ولا يقيم الإمام في مصلّاه إذا سلّم إلا أن يكون في سفر، أو فنائه، وإن شاء تنحّى وأقام. انتهى كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى