للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

عن ورّاد كاتب المغيرة أنه (قال: كتب معاوية) بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- (إلى المغيرة بن شُعبة) وكان المغيرة إذ ذاك أميراً على الكوفة من قِبَلَ معاوية رضي الله تعالى عنهما (أخبرني بشيء سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال) أي المغيرة (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) وفي رواية البخاري: "أملى عليَّ المغيرةُ ابن شعبة في كتاب إلى معاوية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول … " (إذا قضى الصلاة) أي المكتوبة، لما في رواية البخاري "في دبر كلّ صلاة مكتوبة … "، وفي الرواية التالية: "دبر كل صلاة إذا سلّم … "، وفي رواية لمسلم: "كان إذا فرغ من صلاته، وسلّم … ".

(قال: "لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد) زاد الطبراني من طريق أخرى عن المغيرة: "يُحيي ويميت، وهو حيّ لا يموت، بيده الخير -إلى- قدير". ورواته موثقون، وثبت مثله عند البزّار من حديث عبد الرحمن بن عوف بسند ضعيف، لكن في القول إذا أصبح، وإذا أمسى. قاله في "الفتح" (١) (وهو على كلّ شيء قدير، اللَّهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجدّ، منك الجدّ) قال الخطابي: "الجَدّ": الغنى، ويقال: الحظّ، قال: و"مِنْ" في قوله "منك" بمعنى البدل. قال الشاعر: [من الطويل]

فَلَيْتَ لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً … مُبَرَّدَةً بَاتَتْ عَلَى الطَّهْيَانِ (٢)

يريد لنا بدل ماء زمزم انتهى.

وفي "الصحاح": معنى "منك" هنا "عندك"، أي لا ينفع ذا الغنى عندك غناه، إنما ينفعه العمل الصالح.

وقال ابن التين: الصحيح عندي أنها ليست بمعنى "البدل"، ولا بمعنى "عند بل هو كما تقول: ولا ينفعك مني شيء، إن أنا أردتك بسوء.

قال الحافظ: ولم يظهر لي من كلامه معنى، ومقتضاه أنها بمعنى "عندك"، أو فيه حذف، تقديره "من قضائي"، أو "سطوتي"، أو "عذابي".

واختار الشيخ جمالُ الدين (٣) في "المغني" الأولَ.


(١) "فتح" جـ ٢ ص ٦٠١.
(٢) "الطهْيَان": خشبة يُبَرَّد عليها الماء. اهـ "لسان العرب".
(٣) هو أبو محمد عبد الله بن يوسف جمال الدين الأنصاري المصري المتوفى سنة (٧٦١ هـ) وقد ذكر هذه المسألة في كتابه "مغني اللبيب" جـ ١ ص ٣٢٠ بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.